المشيئة لا تتعلق بالحدوث، والمحو والإثبات متصلان بالحدوث.
فصفات ذات الحق- سبحانه- من كلامه وعلمه، وقوله وحكمه لا تدخل تحت المحو والإثبات، وإنما يكون المحو والإثبات من صفات فعله المحو يرجع إلى العدم، والإثبات إلى الإحداث، فهو يمحو من قلوب الزّهاد حب الدنيا ويثبت بدله الزهد فيها، كما فى خبر حارثة: «عزفت نفسى عن الدنيا فاستوى عندى حجرها وذهبها».
ويمحو عن قلوب العارفين الحظوظ، ويثبت بدلها حقوقه تعالى، ويمحو عن قلوب الموحّدين شهود غير الحق ويثبت بدله شهود الحق، ويمحو آثار البشرية ويثبت أنوار شهود الأحدية.
ويقال يمحو العارفين عن شواهدهم، ويثبتهم بشاهد الحق.
ويقال يمحو العبد عن أوصافه ويثبته بالحقّ فيكون محوا عن الخلق مثبتا بالحق للحق.
ويقال يمحو العبد فلا يجرى عليه حكم التدبير، ويكون محوا بحسب جريان أحكام التقدير، ويثبت سلطان التصديق والتقليب بإدخال ما لا يكون فيه اختيار عليه على ما يشاء.
ويقال يمحو عن قلوب الأجانب ذكر الحق، ويثبت بدله غلبات الغفلة وهواجم النسيان.
ويقال يمحو عن قلوب أهل الفترة ما كان يلوح فيها من لوامع الإرادة، ويثبت بدلها الرجوع إلى ما خرجوا عنه من أحكام العادة.
ويقال يمحو أو ضار الزّلّة عن نفوس العاصين، وآثار العصيان عن ديوان المذنبين (ويثبت) يدل ذلك لوعة النّدم، وانكسار الحسرة، والخمود عن متابعة الشهوة.
ويقال يمحو عن ذنوبهم السيئة، ويثبت بدلها الحسنة، قال تعالى: «فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ» .