(يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون)
الخمر ما خامر العقول ، والخمر حرام .
والإشارة فيه أنه يزيد نفاد العقل بما يوجب عليه من الالتباس .
ومن شرب من خمر الغفلة فسكره أصعب؛ فشراب الغفلة يوجب البعد عن الحقيقة .
وكما أن من سكر من خمر الدنيا ممنوع عن الصلاة فمن سكر من خمر الغفلة فهو محجوب عن المواصلات .
وكما أن من شرب من خمر الدنيا وجب عليه الحد فكذلك من شرب شراب الغفلة فعليه الحد إذ يضرب بسياط الخوف .
وكما أن السكران لا يقام عليه الحد ما لم يفق فالغافل لا ينجح فيه الوعظ ما لم ينته .
وكما أن مفتاح الكبائر شرب الخمر ( فالغفلة ) ، أصل كل زلة ، وسبب كل ذلة وبدء كل بعد وحجبة عن الله تعالى .
ويقال لم يحرم عليه الشراب في الدنيا إلا وأباح له شراب القلوب؛ فشراب الكبائر محظور وشراب الاستئناس مبذول ، وعلى حسب المواجد حظى القوم بالشراب ، وحيثما كان الشراب كان السكر ، وفي معناه أنشدوا :
فما مل ساقيها وما مل شارب ... عقار لحاظ كأسه يسكر اللبا
فصحوك من لفظي هو الوصل كله ... وسكرك من لحظي يبيح لك الشرابا
وحرم الميسر في الشرع ، وفي شريعة الحب القوم مقهورون؛ فمن حيث الإشارة أبدانهم مطروحة في شوارع التقدير ، يطؤها كل عابر سبيل من الصادرين من عين المقادير ، وأرواحهم مستباحة بحكم القهر ، عليها خرجت القرعة من ( . . . . ) ، قال تعالى :{ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ } [ الصافات : 141 ] .
لطائف الإشارات = تفسير القشيري