آخر الأخبار

جاري التحميل ...

تفسير قوله تعالى : قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِٱلأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً.



ضلَّ سعيُهم لأنهم عَمِلُوا لغيرِ اللَّهِ. وما كان لغيرِ الله فلا ينفع.
ويقال الذين ضلَّ سعيُهم هم الذين قَرَنُوا أعمالَهم بالرياء، ووصفوا أحوالَهم بالإعجاب، وأبطلوا إحسانهم بالملاحظات أو بالمَنِّ.
ويقال هم الذين يُلاحِظُون أعمالهم وما مِنْهُم بعينِ الاستكثار.

يقول ابن عجيبة:

الإشارة: كل آية في الكفار تجر ذيلها على الغافلين، فكل من قنع بدون عبادة فكرة الشهود والعيان، ينسحب عليه من طريق الباطن أنه ضل سعيه، وهو يحسب أنه يُحسن صُنعًا، فلا يقام له يوم القيامة وزن رفيع، فتنسحب الآية على طوائف، منها: منْ عَبَدَ اللهَ لطلب المنزلة عند الناس، وهذا عين الرياء ومنها: من عَبَدَ الله لطلب العوض والجزاء عند الخواصِّ، ومنها: من عبد الله لطلب الكرامات وظهور الآيات، ومنها: من عبد الله بالجوارح الظاهرة، وحجب عن الجوارح الباطنة، وهي عبادة القلوب، فإن الذرة منها تعدل أمثال الجبال من عبادة الجوارح، ومنها: من وقف مع الاشتغال بعلم الرسوم، وغفل عن علم القلوب، وهو بطالة وغفلة عند المحققين، ومنها من قنع بعبادة القلوب، كالتفكر والاعتبار، وغفل عن عبادة الأسرار، كفكرة الشهود والاستبصار، والحاصل: أن كل من وقف دون الشهود والعيان فهو بطّال، وإنْ كان لا يشعر، وإنما ينكشف له هذا الأمر عند الموت وبعده، فقد يكون الشيء عبادة عند قوم وبطالة عند أخرين؛ حسنات الأبرار سيئات المقربين. ولا يفهم هذا إلا من ترقى عن عبادة الجوارح إلى عبادة القلوب والأسرار. وبالله التوفيق. وسيأتي عند قوله تعالى:

{ وَبَدَا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ }[الزُّمَر: 47]

الإشارة: الآية تجرّ ذيلها على كل ظالم لم يتب، فيتمنى الفداء بجميع ما في الأرض، فلا يُمكّن منه. وقوله تعالى: { وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون } ، هذه الآية عامة، لا يُفلت منها إلا الفرد النادر، الذي وصل إلى غاية المعرفة العيانية، ومَن لم يصل إلى هذا المقام فهو مقصِّر، يظن أنه في عليين، وهو في أسفل سافلين، ولذلك عظم خوف السلف منها، فقد جزع محمد بن المنكدر عند الموت، فقيل له في ذلك، فقال: أخشى آيةً من كتاب الله: { وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون } فأنا أخشى أن يبدو لِي من الله ما لم أحتسب. وعن سفيان أنه قرأها، فقال: ويلٌ لأهل الرياء، ويلٌ لأهل الرياء. هـ.
وفي الإحياء: مَن اعتقد في ذات الله وصفاته وأفعاله خلاف الحق، وخلاف ما هو عليه؛ إما برأيه أو معقوله ونظره، الذي به يجادل، وعليه يعول، وبه يغتر، وإما بالتقليد، فمَن هذا حاله ربما ينكشف له حال الموت بطلان ما اعتقده جهلاً، فيتطرّق له أن كل ما اعتقده لا أصل له، فيكون ذلك سبباً في شكه عند خروج روحه، فيختم له بسوء الخاتمة، وهذا هو المراد بقوله تعالى: { وبَدَا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون } وبقوله: { هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً }


التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية