الإشارة:
إنما كان العسل فيه شفاء للناس لأن النحل ترعى من جميع العشب، فتأخذ خواص منافعها. وكذلك العارف الكامل يأخذ النصيب من كل شيء، ويعرف الله في كل شيء، فإذا كان بهذه المنزلة، كان فيه شفاء للقلوب، كل من صحبه، بصدق ومحبة، شفاه الله، وكل من رآه، بتعظيم وصدق، أحياه الله. وقد قالوا في صفة العارف: هو الذي يأخذ النصيب من كل شيء، ولا يأخذ النصيبَ منه شيئًا، يصفو به كدر كل شيء، ولا يكدر صفوه شيء، قد شغله واحد عن كل شيء، ولم يشغله عن الواحد شيء.. إلى غير ذلك من نعوته. وقال الورتجبي:
قال أبو بكر الوراق: النحلة لَمَّا تبعت الأمر، وسلكت سبيلها على ما أمرت به، جعل لعابها شفاء للناس، كذلك المؤمن، إذا اتبع الأمر، وحفظ السر، وأقبل على مولاه، جعل رؤيته وكلامه ومجالسته شفاء للخلق، ومن نظر إليه اعتبر، ومن سمع كلامه اتعظ، ومن جالسه سعد.
تفسير ابن عجيبة