الفصل الأول
العلم الوهبي والشرعي والحقيقة
الشّرعيّة والالهية ، أو المعرفة الربّانية
المبحث الأول
شيوخ التربية الروحيّة المأذونين ، وطلب الحقيقة الالهية
وصحبة الأولياء والعارفين والدعاة الى الله من أجلها
علم الحقيقة الغيبية
من خطأ البعض أنهم ينكرون ما ثبت شرعا بالقرآن والحديث ، فكان من شأنهم أنهم كلّما رأوا ذاكرا سمت همّته ، وطلب الحقيقة الغيبيّة ، واتّخد شيخا عارفا يسترشد في التربية الروحية ، كما يسترشد التّلميذ بأساذه في الدراسات الشرعية ، والتربيّة الاسلاميّة ، أسرعوا الى الإنكار ، وشرحوا أسلوب التربيّة والصحيّة والإرشاد الرّوحي - أملا في الوصول إلى العلم الوهبيّ ومعرفة خالقه - باتخاده الواسطة بين العبد وربه ، بدل الواسطة بين الجهل والعلم ، أو بين الغفلة واليقظة. وما دروا أنّ أول من طلب العلم اللّدني الوهبي ، الذي هو سر الحقيقة الغيبيّة ، على يد مرشد روحيّ ، أو عبد صالح ، أملى عليه شروطه وإرادته ، كما يمليها شيوخ التربية الروحية على المريدين ، والأساتذة على تلامذتهم ، وهو نبي الله وكليمه موسى عليه السلام . والقرآن برمّته ، لم ينزله الله سدى ، أو في شيء لا تدعوالحاجة إلى العمل به ، ما بين توحيد وشريعة وحقيقة وعبادة ، وحكم واقتصاد واجتماع وقانون وخلق وعبرة واعتبار... وإنما أنزله تعالى ليكون نبراسا يهتدى به في كل شيء ، فقال : ( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْشَيْءٍ) (1) وشيء نكرة ، والنّكرة من ألفاظ العموم. ومن عمل ببعضه وتنكّب البعض - جهلا أو عنادا - يعدّ مخالفا لشرع الله ، ومعرضا - في الجاني الروحي - عن علم حقيقة غيبيّة ، طلبها أحد اولى العزم من المرسلين . وعلم الحقيقة - كما نطق به القرآن - ينبت في أرض الرحمة ، ويخاطب الأرواح الملهمة ، والقلوب الطيّبة الطّهرة . وهو العلم الّذي تفضّل سبحانه وتعالى ، وعلّمه - هبة منه لعبد صالح ، ولم يعلّمه لنبيّه موسى عليه السلام وفي ذلك أكثر من عبرة واعتبار...
وهذه قصة موسى وفتاه مع العبد الصالح ، الذي قيل الخضر ، كما جاء في رواية البخاري ، وقيل ولي من أولياء الله، تثبت بوضوح ما ينكره البعض ، جهلا بالقرآن ، من أن هناك علما غيبيّا الهيّا وهبيا ، يهبه تعالى لبعض أوليائه ، وقد يكون العبد الصّلح ، الذي طلب نبيّ اللّه موسى عليه السّلام اتّباعه ، ليعلّمه ممّا خصّه به علاّم الغيوب أول وليّ من نوعه يعرفه البحث ، واخترناه مدخلا الى هذه النّقطة.وبما ان الأنبياء والمرسلين يذكرون بأسمائهم في القرآن ، وأخفى تعالى اسمه ومقامه ، كما تخفى مقامات كبار الأولياء كما سيأتي في مقام القطب ، فالغالب أنّه ليس بنبيّ ، ويرجّح أن يكون عبدا صالحا تولّى الله أمره ، وتولية الله للعبد هي الأصل في الولاية ، وتختلف باختلاف الدرجة في المقامات ، والقصّة بما تحمل من خرق عادة عقليّة ، وكرامة غيبيّة ، لا تعرض على العقول في العالم المشاهد ، وإنما على الأرواح ، ومقتضى الإيمان بالغيب في العالم غير المنظور.
فكان على من سمت همّته ، وتاقت روحه الى الإتصال بالملإ الأعلى ، وتشوّق إلى الكرع من معين هذا العلم ، أن يستهدي بالقرآن ، ويسلّح بقوّة الإيمان بالغيب ، ويصاحب أهله في الله ومن أجله ، ويسترشد بهم ، ويضع فيهم ثقته ، ويطرح جانبا العناد والنقاش والجدال ، ويمتطي سبيل التسليم والتّفويض ، والإمساك عن التّسائل قبل البيان ، كما سيتجلى في نتيجة المحاورة بين موسى عليه السلام والعبد الصالح ،ويحذّر الإنزلاق نحو تصرّفات الذين يتعجّلون إصدار الأحكام على الباطن ، كما يصدرونه على الظاه.. و أغرّ الناس بفكره من حدّد العلم فيما علم ، والجهل فيما جهل.. واذا أعجبوا بقليل ممّا أوتوا من علم الظاهر ، فعلم الباطن أو الغيبيّ ، الذي تقع قصة موسى والعبد الصالح ، في إطاره ، من عالم الرّوح : عالم ما فوق مدركات العقل ، وهو العلم الذي اسأثر الله بالإحاطة به ، دون خلقه ، فقال : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) (2) ولنستعرض من القصّة ما يهمّ الموضوع.
قد تابع كتاب الله قصّة موسى عليه السلام وفتاه الى أن قال تعالى :(فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا * قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا *قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا* وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا* قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا * قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا* فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا*قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا * فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا *قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي ۖ قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا* فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ ۖ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا* قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا * أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا* وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا* وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا) (3).
والحكمة ومحطّ الاعتبار في قوله :"وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي"فالمخطئون ، خاصّة في الأمور الغيبيّة والروحيّة هم الذين يقولون ويفعلون عن أمرهم ، والمصيبون هم الذين يقولون ويفعلون عن أمر ربّهم ، وهم أصحاب الحقائق الغيبيّة.. والحقيقة الغيبيّة الوهبيّة لا تكتسب بالجهد والعمل ، الاّ من حيث السّبب ، وإعطاء البرهان على طلبها ، للأنها من باب تفضّل الخالق وتكرّمه ، وفضل الله لا يخضع لأيّ اعتبار ، وتمتاز بأنّها فوق مدركات العقول ، وتطلّ عليها الأرواح الطيّبة الطّاهرة ، وليست لكلّ الناس ن وإنما لخاصّة الخاصّة من صالحي المؤمنين . ومن ثمّ كانت أصعب منالا من الشريعة ، وترتفع عن إدراك أصحابها ، إذا لم يكونوا من أصحاب الحقيقة. وقد قال عالم في الشريعة من النوع الذي غلبت عقلا نيته على فطرته وروحانيته ، وتحكّم ظاهره في باطنه ، إنه بحث عن معنى التصوف ولم يجده ، نعم بحث عنه كما يبحث البدوي عن الطّور في الغابة ولم يجده ، ولو بحث عنه غيبيّا كحقيقة قلبيّة ، وفي العلاقة الروحيّة بينه وبين ربّه لوجده.
وإن قضية سيدنا موسى عليه السلام والعبد الصالح ، وما تحمل من عبر ، وما تقلب من الموازين ، بين الظاهر والباطن ، و ما تفرز من تهميش القوة العقليّة في الميدان الروحيّ ، لتعتبر أكبر امتحان للعقلانيّين ، وضعفة الإيمان ، وصفعة للمنكرين ما لم تدركه عقولهم ، وسندا شرعيا قرآنيا للمنهاج الصوفيّ ، الذي يركّز في طريق الوصول إلى الحقيقة الغيبيّة ، وإلى العلم اللّدني الوهبيّ ، على التسليم والتفويض وحسن الإتباع ، وطرح العناد والجدال ، والتساؤل في غير محلّه ، وانتظار ما تمدّبه القدرة الإلهية من وراء الحجاب.
وإذا كان نبي الله موسى عليه السلام كليم الله وصاحب اتلثوراة ، والحامل لشرع الله لا يقوى على الصبر ، والإمساك عن التساؤل الى وقت البيان ، وكان حظه من العبد الصالح (قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ) كان من الطبيعيّ ان يكون عدم القدرة على الصبر والإمساك عن التساؤل في ميدان الحقيقة الغيبية حظّ الفقهاء وعلماء الشريعة ، كما سيأتي في باب الخلاف بين الفقهاء والصوفية ، و بالأحرى يكون حظّ من يعرض كلّ شيء على العقل ، بدل نظرية ابن خلدون في استعمال القوة العقليّة في ظاهر الأشياء ، والقوة الروحيّة في باطنها.. والذين يضعون الأمور مواضعها ، ما بين الظاهر والباطن ، أو بين الشريعة والحقيقة ، هم الذين يتّزنون في آرائهم ، وينسجمون مع الحياة العلميّة في كلّ فرع من فروعها.
والفرق - بين علم الظاهر والباطن ، أو علم الشريعة والحقيقة - نجده فما رواه الحافظ المنذري عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، وأنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في رواية جابر :(العلم علمان : علم في القلب ، وعلم على اللّسان ، فذاك حجّة الله على عباده ) قال المنذري : أخرجه الخطيب البغدادي باسناد حسن ، واخرجه ابن عبد البر في كتاب العلم مرسلا باسناد صحيح (4) وفي رواية أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (العلم علمان : فعلم ثابت في القلب ، فذاك العلم النافع ، وعلم في اللسان ، فذاك حجة الله على عباده) قال المنذري : أخرجه الدّيلمي والاصبهاني والبيهقيّ (5).
فكان من الطبيعي أن يكون أصحاب العلم الثابت في القلب ، وينفع في العلاقة الروحيّة بين العبد وربّه ، من نصيب علماء الحقيقة ، والعلم الذي في اللّسان ، ويكون حجّة الله على عباده ، في الوقوف على الأوامر والنواهي ، وأداء الحقوق والواجبات ، وما يترتّب عليه من العقاب والجزاء... من نصيب علماء الشريعة ، ويؤخد علم الحقيقة على أصحابها ، وعلم الشريعة على اصحابها ، والمصدر واحد - بعد الله- هو الرسول صلى الله عليه وسلم بالجمع بينهما يتمّ الدّين ، كما يفهم من قول الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر حديث جبريل - بعد الاسلام والايمان والاحسان - : ( هذا جبريل جاء ليعلمكم دينكم ) فجمع لفظ الدّين بين المراتب الثلاث . وعلماء الحقيقة هم العلماء بالله وبمعرفته ، وعلماء الشريعة هم العلماء بأوامر الله ونواهيه ، وقد يجمعهما الله لعالم صالح حقيقيّ شرعيّ تكرّم عليه بنعمتين ، وألبسه حلّتين .
وحول هذا الفرق يروي ابن تيميّة في كتابه "الإيمان" عن أبي حيّان التميميّ أنّه قال :"العلماء ثلاثة : فعالم بالله ليس ليس عالما بأمر الله ، وعالم بأمر الله ليس عالما بالله ، وعالم بالله ، عالم بأمر الله" (6) والعلماء بأمر الله ونهيه هم الفقهاء ، ومهمّتهم الأولى في الدرس والإفتاء ، والذّود عن شرع الله وتبيينه ، كما أنزل في غيبة عن مراعاة الناس ، وعدم التجاوب معهم على حسابه ، والعلماء بالله هم الأوليا والعارفون بالله ، وهمّتهم الأولى في الدلالة على الله ، والأخد بيد العباد الى معرفة خالقهم ، مع فرض الإستقامة ، والعمل بكتاب الله وسنّة نبيّه.
وأول باكورة يجنيها مريد الله من شجرة الحقيقة وصحبة أصحابها ، هي الخروج - شعوريا ووجدانيا - من ظلمة غفلة النفس وأكدارها ، وأغيارها ووساوسها وأوهامها وتشاؤمها وحيرتها ، وقلقها وتمزّقها ورعونتها...التي مصدر الإجرام والمرض الباطني ، إلى نور يقظة القلب ، وما ينشأ عنه من الطّمأنينة والسكينة والرّحمة ، والتّفاؤل والفرح بالله ، والخروج بالباطن إلى الفضاء الواسع من رحمة الله . حيث الطّهر والصّفاء ، ومصدر كلّ فضيلة وخلق حسن... وإذا كان الغافلون يكونون بما تحمله نفوسهم الأمّارة بالسّوء متشائمين ، فأولياء الله والعارفون به ، يكونون بما تحمله قلوبهم الطيّبة الطاهرة متفائلين. والواردات على البواطن قد تكون نورانيّة ، وقد تكون ظلمانيّة ، حسب مصدرها وموردها ، وما ينشأ عن ىالتلاقح الإيجابي والسلبي ، والإمدادات النورانيّة والظلمانيّة ،ما بين النفوس الغافلة المظلمة ، والقلوب الطيّبة الطاهرة.
والحكمة تتجلّى فيما تقدّم أن رواه التّرمذي وأبو داوود من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(الرجل عَلَى دِيْنِ خَلِيلِهِ فلينظر أحدكم من يُخَالِل) وقد ضرب مثلا أعلى للفرق بين صحبة الغافلين ، وصحبة أولى الفضل من صالحي أمته ، فقال فيما رواه البخاري :(مَثَلُ الجَلِيس الصَّالِح وجَلِيس السُّوءِ كَحَامَلِ المِسْكِ ونافِخَ الكِيرِ، الجَلِيس الصَّالِح كَحَامِلِ المِسْكِ؛ إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ -يعطيك - وإِما أن تبتاع -تشتري- منه، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحا طيِّبة، ونافخُ الكير: إِما أن يَحرقَ ثِيَابَكَ، وإِما أن تجد منه ريحا منثنة) (7) نافخ الكير بالمعنى الذي نبحثه هم الغافلون ، الذين اذا سلّم الله جليسهم من سوء عملهم ، أفسدوا نيّته ، وثبّطوا عزيمته ، وعرقلوا سيره نحو الملأ الأعلى ، وحامل المسك هم الأولياء والعارفون ، الذين إذا لم يصل جليسهم إلى الحقيقة الكبرى ، كما وصلوا ، شجّعوه على ذكر ربّه ، والإقبال عليه ، واستفاد منهم تصحيح العقيدة والإيمان ، وصلاح الظاهر والباطن ، وصلاح ظاهر الفرد وباطنه ينشأ عنه - خلقا وعمليّا واقتصاديّا واجتماعيّا وثقافيّا...- صلاح المجتمع الذي يتكوّن منه ، كأوّل لبنة في بنائه.. إذاً من هم الأولياء الذين يصلح الله بهم المجتمعات بواسطة إصلاح أفرادها ؟
** ** **
** ** **
1 - سورة الأنعام : 38
2 - سورة السراء : 85
3 - سورة الكهف :64 - 82
4 - الترهيب والترغيب 3 / 40
5 - الترهيب والترغيب 3 / 40
6 - الايمان ص 16 - ابن تيمية
7 - منتنة : كريهة