ولا زالوا يسألوننا عن الإذن..
يسألوننا عن مشروعية قول مشايخ القوم الكمل حين يقولون:
( أنا مأذون من الله ورسوله )
حق السؤال، وحق لنا أن نجيب بما يفتح الله به في هذا الأمر العظيم الجلل.
أهل التسليم في ذلك لا يسألون، لأنهم سبقت لهم من الله الحسنى، وحتى أنهم في صحبتهم للقوم، هم على حق اليقين ربهم وحده يصحبون..
ولكنه لا بد من إشارات لطيفة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد..
أوحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
تالله ما من وحي بعده، فالله أتم الرسالة بخاتم النبيئين، وما من كتاب بعد القرآن أبدا، فهذا معنى ختام الوحي..
وأما الوحي في لفظ ما هو عليه من معنى، فإن الله لا يزال يوحي إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا.. وإلا لما ذاق اليوم طعم العسل أي أحد من البشر أبدا..
فتدبروا، فإنه لا وحي لأي أحد بأي رسالة مخطوطة أو كتاب بعد الحبيب محمد الشاهد البشير النذير، ولكن الجبلة فيمن يأخذ بعهد التبليغ عن طريق الإراثة..
* العلماء ورثة الأنبياء *
والوارث الكامل، من ورث عنه الإذن اللدني وقبس السراج جميعا، * داعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا *
فوارثه وخليفته الكامل كأنه هو، * وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا *
* ولكل قوم هاد *
هو الوارث الذي فنت نفسه في الذات المحمدية، واتبع سبيل ربه بالقهرية بذات الإذن في هذه الوراثة الأقدسية، وارتقى في الدعوة إلى الله من النفس الملهمة إلى النفس المطمئنة بإذن ربها في الأخذ بقلوب العباد والسالكين إلى حضرة رب العباد جميعا..
* قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني، وسبحان الله وما أنا من المشركين *
الذين اتبعوه مقالا وأفعالا وأحوالا، واتبعوا النور الذي في مشكاة السراج المنير، أهل وراثته الحقة الكاملة، يدعون إلى الله على بينة وحجة ويقين وعلم مطلق بربهم ومعرفته بالمشاهدة والتجلي، أو حتى في بداية الأمر بمجرد رؤيا كفلق الصبح، فلا يعدو هذا الإذن الصريح إلا كما يوحي به الله تعالى إلى النحل، أن اسلكي * سبل ربك * إلى الناس يخرج من بطونك شراب فيه شفاء لهم..
ولو وقف الأمر عند * أنا * دون من اتبعه في الآية، ما سلمنا أبدا لمن يخرج للناس يقول: * أنا أدعو إلى الله على بصيرة *
* ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا، أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء *
فالذي يوحي به الله للورثة الكمل تجديد الدين في نفوس الأمة، وليس وحي الذي هو من قبيل دين جديد أو شرائع جديدة..
ولا تزال طائفة من أمة سيدنا محمد صلوات ربي وزكواته عليه، ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم، يدعون الخليقة لأن يركبوا سفينتهم الآمنة المكينة، التي مثلها كمثل سفينة نوح عليه السلام..
وإلا، فما المبعوث الحق إلا من وحي صريح ممن بعثه، * يبعث الله على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها *
اللهم ارزقنا التصديق فيمن بعثتهم إلينا هداة مهتدين، يهدون * بأمرك * إلى صراط مستقيم، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد خاتم النبيئين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
إدريس الانبري