آخر الأخبار

جاري التحميل ...

المنهج الصوفي هو المنهج الأمثل لحل مشكلات الأمة:


إن الصوفية وحدهم هم المنوط بهم العمل على إعادة المجد الذي فقده المسلمون، والسعي لإيجاده صحوة إسلامية حقيقية، في هذا الوقت الحرج الذي يبحث فيه العالم عن هوية، ولقد رأينا كيف برزت الحركات الدينية من إسلامية ومسيحية ويهودية وبوذية وربما غيرها أيضا محاولة في عنف أن تحتل مركز الصدارة في النشاط السياسي والاجتماعي في هذا العالم الذي أخذ يغير جلده تحت ضغط السياسة ذات التحولات الآخذة في الإسراع، وكذلك وجدنا توجهات قومية وعرقية مدمرة تجول وتصول في كثير من أقطار العالم في شتى القارات في جهد غريب شديد لتحول العالم إلى قبائل وعشائر قرى صغيرة متناثرة في العالم الكبير، وزاد الطين بلة توجه من يسمون من المتحضرين إلى الإباحية التي تسرع إلى تفتيت الأسرة وتحويل الجماعات البشرية إلى أفراد أنانيين لا يشغلهم إلا الشبق والأنانية والفساد، وهذا يعني أن الفساد أخذ يدب في الأرض ويهددها بالخراب والدمار، خصوصا وأن فيها من الأسلحة ما يمكن أن يؤدي إلى هذه النتيجة في أقل من ثانية واحدة.

في هذا الجو العاصف يحتاج العالم أشد الحاجة إلى عامل آخر ملطف لهذا العنف، قادر على التقريب بين هذه الأهواء المتضاربة المدمرة، وتحقيق نوع من التوازن بينها، يمكن معه أن يحمل البشر على إعادة التفكير في التدمير وإبعاد هاجس العدوان والسيطرة والحقد عن نفوسهم التي توجهت هذه الوجهة الشريرة، هذا العامل عندنا هو التصوف الذي طالما خافته المجتمعات البشرية وحصرته في زاوية صغيرة ضيقة تحد من نشاطه وتقصره على العامة السذج من الناس، في حين أن فيه من الطاقات القوية ما يستطيع معها القيام بدور أكبر بكثير مما انحصر فيه وألجئ إليه، ولنا في هذا الأمر احتجاجات نعدد بعضها فيما يلي:

فأولا : تميز التصوف الإسلامي من أول نشأته بالتسامح الديني الشديد، ومن هذه النماذج الجميلة ما ذكر عن الحارث بن أسد المحاسبي المتوفى سنة 243هـ/857م من أنه في أول شبابه استعرض الفرق الإسلامية كلها لاختيار واحدة ينتمي إليها، فآل به الأمر إلى رفضها كلها بحجة ما بينها من الاختلاف والسب والاتهام الذي ربما يبلغ حد التكفير، ومن هذا اختار أن يسلك طريق الاجتهاد واختيار العقيدة عن طريقه، مع مراقبة النفس ومحاسبتها، فكان ما كان، وخرج على الناس بأول كتاب في التحليل النفسي في العالم كله كتابه: "الرعاية لحقوق الله".

فالتصوف يتوسط العقائد ويجمعها في طريق واحد، يجمع مشتركاتها ويحل مشكلات مختلفاتها في جو من الثقة وحسن النية مع الجميع، ليحقق الطمأنينة والاستقرار في نفوس الأمة الإسلامية التي تعصف الحيرة بشبابها وأطفالها اليوم.
ويقوي هذا كله، أن التصوف لم يحارب مذهبا أو فقها بل اشترط على المنتسبين إليه أن يفعلوا ذلك، وهم فقهاء مفتون في مذهبهم الذي ارتضوه لأنفسهم قبل أن يخطوا هذه الخطوة، وهكذا وجدنا في المجتمعات الصوفية شافعية كالجنيد البغدادي، ومالكية كأبي بكر الشبلي، وكل هؤلاء كانوا يمارسون نشاطهم الروحي مجتمعين بغير أن يقعوا في حبالة الاختلاف والخصومة، هذا مع نص مصنفي الصوفية أنفسهم على أن من تقاليد مجتمعهم إيجاد المعاذير للمخطئين من المنتمين إليهم.

ثانيا : يساعد على قيام التصوف بهذا الدور التوفيقي أن فكرة الحب متأصلة في كيانهم الروحي والثقافي، ويبدأ هذا التوجه بإنكار الذات بوصفه واجبا من واجبات الصوفية حتى يرتفع إلى الحب الإلهي، الذي يعم جميع أنواع الحب، ويضيء سائر الموجودات، ويربطها برباط يجمعها ويوحدها ويحملها على أن تسير وفق فطرة الله التي فطر الناس عليها وقد فاض هذا الحب في قلوب الصوفية.
بهذا التوجه الجميل يسوغ للصوفية أن يقوموا بدورهم العظيم دون ان يخشوا لومة لائم، ويستطيعون به أن يجمعوا الناس حولهم ليشرعوا في تعليمهم الحب وتربيتهم على التصوف بمقتضاه.

ثالثا : يساعد على القيام بهذا الدور أن الصوفي نفسه يتلقى ويمارس من الآداب ما يمكنه من القيام به خير قيام، إذ لابد لكل صوفي أن يصفي نفسه من نواقصها ويستكملها ليكون جديرا بحمل هذا الاسم المهم في عالم الإنسان والإنسانية،، فمن المعلوم أنه ينبغي عليه أن يتطبع تطبعا تاما وتحت إشراف شيخه بصفات تسمى المقامات أي المراحل التربوية.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية