إن الانتساب إلى الطريقة الصوفية البودشيشية غير مشروط في الأصل، بتوفر صفات معينة في المريد سواء كان عربيا أو أمازيغيا أو أعجميا.
ذلك لكون منهج شيخ الطريقة سيدي حمزة أطال الله عمره ، يقوم على التدرج بالمريد تسهيلا له لفهم متطلبات السير وغرسا لطلب وجه الله في نفسه ،وآنذاك يكون مطالبا بشروط الأخذ التربوي الروحي التي هي أساسيات السير إلى الله .
إن الحديث عن ضوابط الأخذ قي الطريقة أو الانتساب إليها هو من باب تحديد المعالم التي نستعين بها جميعا ونتذاكر حولها عسى أن نتحقق بها أو ببعضها . والمجاهدة والمكابدة في إدراك وتمثل هاته الضوابط هو عين السير. كما أن الحديث عن هاته الضوابط يهدف إلى تبليغ منهج الطريقة إلى السامع عنها البعيد والقريب، وحتى نزيل الغموض الذي يمكن أن يقع في الأذهان. ولذلك فسلسة فقه الطريقة تستهدف مطارحة جل القضايا التي لها صلة بثوابت الطريقة ووجوه فهمها وتطبيقها .
وفقه الطريقة المراد منه هو ذلك التمثل السليم لأسس الطريقة ومقاصدها ومراميها. وأهمية هذا الفقه الذي هو فهم وإدراك وممارسة ، تكمن في تمكين المريد أو المريدة من امتلاك كفاءة التمييز الروحي والفكري لشروط سير روحي سليم ، وعوائق التعثر الروحي والقدرة كذلك على تبليغ الطريقة بمنهج متكامل فيه مراعاة لسياقات وأحوال ومراتب المتلقي. ولهذا ففقه الطريقة ينمي كفاءات روحية وأخلاقية وعلمية ودعوية وتواصلية. وبالطبع فمضامين هذا الفقه مستمدة على قدر فهمنا من مالك هذا الفقه الذي هو شيخ الطريقة سيدي حمزة أطال عمره ، فلا يمكن لأي مريد أو مريدة الإدعاء الفهم الكامل والمكتمل لهذا الفقه دون الأخذ السليم من مصدر ومنبع هذا الفقه الذي هو شيخ الطريقة . فالفقيه الروحي الحقيقي هو الشيخ الذي حصل على إذن وإجازة في الإرشاد الروحي وتسليك المريدين والأخذ بهم إلى رحاب المعرفة الإلهية . ولذلك فقد سمعت من شيخي سيدي حمزة :"أن فقه الطريقة هو علم من علوم الطريقة" وليس بالتأكيد هو علم الطريقة الوحيد. ومصدر التلقي فيه هو المجالسة والاتصال بالشيخ و عدم الاكتفاء فقط بالاستماع إلى الأقوال ولكن تطبيقها على أحسن وجه والتحقق بها ولذلك يقول شيخنا سيدي حمزة :" لكل مقام علم " فكلما تحقق المريد بمقام معين أورثه الله علما من ذلك . لذلك يغلب على شيخنا حث المريد على الاشتغال التعبدي في صوره المتعددة ، وأهمها الإكثار من الذكر ، عوض الافتتان بالأقوال وطلب شهوة التعالي باللسان ، فالعارف هو من تعتبر أحواله أعلى من أقواله ودونه أقواله أعلى من أحواله ،ويمكن اختزال ضوابط الأخذ للطريقة فيما يلي :
· الاعتقاد
· الإقتداء
· الاجتهاد
· الإنظباط
· الاعتزاز
· الابتكار
تعتبر هاته الورقة توطئة لهذا الموضوع الذي سنخصص لكل ضابط من ضوابط الأخذ التربوي ورقة مستقلة وبعد ذلك سنحاول مطارحة قضايا فقه الطريقة والتي سنبسط فيها الكلام حول مقاصد الطريقة وثوابتها وتنظيمها وأخلاقها وأسباب التعثر في السير وشروط خدمة الطريقة وغير ذلك من المواضيع المتصلة بالاشتغال بالطريقة سيرا وتنظيما وتبليغا والحمد لله رب العالمين.
د. خالد ميارالادريسي