الإشارة: إذا وصل أهل الجد والتشمير إلى حضرة العلي الكبير ، وأفاض عليهم من ماء غيبه ، حتى امتلأت قلوبهم وأسرارهم ، فأثمر لهم العلوم اللدنية والأسرار الربانية؛ ناداهم أهل البطالة والتقصير :
أفيضوا علينا من الماء الذي سقاكم الله منه ، أو مما رزقكم من العلوم والمعارف قالوا : إن الله حرمهما على البطالين؛ الذين اتخذوا طريق القوم لهوًا ولعبًا ، وغرتهم الحياة الدنيا فقبضتهم في شبكتها ، فيقول تعالى : فاليوم ننساهم من لذيذ مشاهدتي ، وحلاوة معرفتي ، كما نسوا لقائي بشهود ذاتي ، وأنكروا على أوليائي وأهل معرفتي ، وجحدوا وجود التربية وحجروا على قدرتي ، ولقد جئناهم بكتاب فصّلنا فيه كل شيء؛ فقلنا فيه : { مَا نَنسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأتِ بِخَيْرٍ مِنْهَآ أَوْ مِثْلِهَآ } [ البَقَرَة : 106 ] إلى يوم القيامة ، هل ينظرون إلا تأويله؟ يوم يأتي تأويله بظهور درجات المقربين ، في أعلى عليين ، حينئذٍ يحصل لهم اليقين بوجود المقربين ، أو بالتربية النبوية في كل زمان وحين ، فيطلب الشفاعة في اللحوق بهم ، أو يرد إلى العمل بعملهم . . هيهات! قد بُعثر ما في القبور ، وحُصّل ما في الصدور ، فخسر المبطلون ، وفاز المجتهدون السابقون . جعلنا الله منهم بمنِّه وكرمه .