آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الحكمة (215) : وُصُولُكَ إِلَى اللهِ وُصُولُكَ إِلَى الْعِلْمِ بِهِ.

(وُصُولُكَ إِلَى اللهِ وُصُولُكَ إِلَى الْعِلْمِ بِهِ ، وَإِلاَّ فَجَلَّ رَبُّنَا أَنْ يَتَّصِلَ بِهِ شَىْءٌ ، أَوْ يَتَّصِلَ هُوَ بِشَىْءٍ)


قد ذكر أهل الفن في هذا الفن في هذا المقام اصطلاحات وألفاظاً تداولوها بينهم تقريباً لفهم المعاني فمنها : السير، والرحيل , وذكر المنازل، والمناهل، والمقامات ومنها : الرجوع، والوقوف، وكل ذلك كناية عن مجاهدة النفوس ومحاربتها وقطع العوائق و العلائق عنها. أو الوقوف مع شيء منها وسيأتي للمؤلف :" لولا ميادين النفوس ما تحقق سير السائرين". ومنها الوصول، والتمكين، والسكون والطمأنينة. ومنها : المشاهدة، والمكالمة، والمجالسة وغير ذلك وكل ذلك كناية عما أدركته أرواحهم، وذاقته أسرارهم من عظمة الحق وجلاله.

ومعنى الوصول عندهم تحقيق العلم بوجوده وحده، فوصولك إليه هو شعورك بعدمك حتى يكون عدمك عندك ضروروياً، وعلمك بوجوده كذلك، وهذا الامر كان حاصلا لك في نفس الأمر لكن لم تشعر به.

فالزوال هو المعرفة وهو معنى الوصول وسببها جولان الفكرة ولذلك أمره بها وقال شيخ شيوخنا سيدي على :" الناس كلهم يشاهدون ولا يعرفون" وسمعت شيخنا يقول:" الناس كلهم في البحر ولكن لا يشعرون" فوصول العبد إلى الله عن تحقيق العلم بوجوده والغيبة عن نفسه وعن كل ما سواه ولا تعتقد أن الوصول يكون حسياً فجل ربنا أي تعالى وترفع أن يتصل به شيء للزوم تحيزه أو يتصل هو بشيء للزوم افتقاره وحصره تعالى عن ذلك علواً كبيراً.

واعلم أن هذا العلم بالله يكون كسبيا ثم لا يزال يغيب عن نفسه وحسه سكرة بعد سكرة، وحيرة بعد حيرة، حتى يصحو وينجلي عن ضباب الحس وسحاب الجهل، وظلمة النفس , فتشرق عليه شمس النهار وتنجلي عنه ظلمة الأغيار وفي ذلك قيل :

ليلى بوجهك مشرق وظلامه في الناس سار
الناس في سدف الظلام ونحن في ضوء النهار 

أي ليل وجودي صار مشرقا مضيئا بسبب شهود ذاتك ، وظلام ليل القطيعة سار في جل الناس ، الناس في جوف ظلمة الأكوان ، ونحن في ضوء شموس العرفان ، ثم لا يزال في تربية الشيخ وتحت حضانته ومدده ، سار إليه بقدر صدقه، حتى يسلم له خصيم الغرق الظلماني، وينفرد النوارني ، ويحس ذلك من نفسه، فحينئذ يقول بلسان الحال :

أقر الخصم فارتقع النزاع، فإذا انفرد الخصم النوراني استمد من كل شيء، وشرب من كل شيء، وأخذ النصيب من كل شيء ، فيبقى وصوله إلى الواسطة شكرا وإحسانا، قال تعالى : {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ} [ لقمان : 14 ] ،

وينشد حينئذ بلسان حاله ومقاله :

الحمد للّه لا تفنى محامده *** والحمد للّه في الآصال والبكر
من يهده اللّه أضحى عالما فطنا *** باللّه في كل ما يبدو من الصور
يا طالب الوصل جد بالنفس ملتفتا *** عنها إلى منزل الأشياء بالقدر
فإن ظفرت فأنت الفرد والعلم ال *** منعوت بالحسن والحسنى لذي نظر

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية