آخر الأخبار

جاري التحميل ...

من أحب الله أذهله شوقه للقاه عن كل لذة دنيوية .

الإشارة

قال القرطبي رحمه الله متحدثا عن لفظ الجلالة:
(قيل هو مشتق من ( وَلـَـه َ ) إذا تحـيـّـر .. 
والوله : ذهاب العقل فالله تعالى يحير أولئكـ في الفكر في حقائق صفاته
وقد قالوا : من أحب الله ، ذهل عمن سواه! 
فمن أحب الله .. أذهله حبه لله عن رؤية فتنة الدنيا .
ومن أحب الله .. أذهله حبه لله عن مراقبة غير الله .
ومن أحب الله .. أذهله حبه لله عن تضييع لحظة واحدة في غير رضاه.
ومن أحب الله .. أذهله شوقه للقاه عن كل لذة دنيوية .وقال الرازي رحمه الله في نفس المقصد :(وقيل أنه مشتق من ألهتَ إلى فلان : أي سكنت إليه ، فالعقول لا تسكن إلا إلى ذكره والأرواح لا تفرح إلا بمعرفته ، لأنه الكمال على الإطلاق دون غيره.
ثم قال : واعلم أن الخلائق قسمان : واصلون إلى ساحل بحر المعرفة ومحرومون قد بقوا في ظلمات الحيرة وتيه الجهالة ، فكأنهم قد فقدوا عقولهم وأرواحهم وأما الواجدون فقد وصلوا إلى عرصة النور وفسحة الكبرياء والجلال ..
فتاهوا في ميادين الصمدية وبادوا في عرصة الفردانية .فثبت أن الخلائق كلهم وآلهـُـون في معرفته ...
المقصد بكلام الرازي رحمه الله - الواصلون والواجدون - والله تعالى أعلم.
كما قسم رسول الله المسلمون إلى مؤمن ومحسن فالواصل كالمؤمن والواجد كالمحسن فالإسلام دائرة كبيرة داخلهـا دائرة أضيق دائرة الإيمانثم دائرة أصغر وهي دائرة الإحسان .. فكل مؤمن مسلم وليس العكس وكل محسن مؤمن مسلم ..جعلنا الله من أهل الإحسان أولئك القوم الذين ينظرون إلى الله بقلوبهم ويستشعرون معيته ومراقبته في كل حين أولئك الذين عَرَّفَهُمْ رسول الله { أن تعبد الله كأنك تراه .. فإن لم تكن تراه فإنه يراك }يرون الآخرة بعين اليقين وكأنها رأي العين.
لما سئل حاتم الأصم : كيف تخشع في صلاتك ؟ قال : إذا حانت الصلاة ، أسبغت الوضوء ، وأتيت الموضع الذي أريد الصلاة فيه ..فأقعد فيه حتى تجتمع جوارحي ، ثم أقوم إلى صلاتي وأجعل الكعبة بين حاجبي ، والصراط تحت قدمي والجنة عن يميني ، والنار عن شمالي ، وملك الموت ورائي وأظنها آخر صلاتي ثم أقوم بين يدي الرجاء والخوف ، أكبر تكبيرا بتحقيق ، وأقرأ بترتيل وأركع ركوعاً بتواضع وأسجد سجوداً بتخشع وأتبعها الإخلاص ولا أدري أقبلت أم لا ؟
فأولئك قوم قد أحبوا الله حقا .. وواقعا لا خيالا يستشعرون وجوده وقربه ويتقنون العبـادة حبا وخوفا ورجاءا .. وضعوا الآخرة نصب أعينهم والموت كأنه أمامهم يسابقون إليه .. وليس من خلفهم يفرون منه! 
عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لشاب من الأنصار : 
كيف أصبحت يا حارثة ؟ 
قال : أصبحت مؤمنا بالله حقا .
قال : انظر ما تقول فإن لكل قول حقيقة.
قال : يا رسول الله عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي و أظمأت نهاري و كأني بعرش ربي بارزا و كأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها و إلى أهل النار يتعاؤون فيها.
قال : أبصرت فالزم عبد نور الله الإيمان في قلبه .

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية