قال الله تعالى: " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون " .
عن عبد الله ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ".
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُ الْمَرِيضَ ، وَيُشَيِّعُ الْجَنَائِزَ ، وَيَرْكَبُ الْحِمَارَ ، وَيُجِبْ دَعْوَةَ الْعَبْدِ ، وَكَانَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ عَلَى حِمَارٍ مَخْطُومٍ بِحَبْلٍ مِنْ لِيفٍ عَلَيْهِ إِكَافٌ مِنْ لِيفٍ .
الخشوع: الانقياد للحق.
والتواضع: هو الاستسلام للحق، وترك الاعتراض على الحكم.
وقال حذيفة: أول ما تفقدون من دينكم: الخشوع.
وسئل بعضهم عن الخشوع، فقال: الخشوع: قيام القلب بين يدي الحق،سبحانه، بِهَمٍّ مجموع.
وقال: من علامات الخشوع للعبد: أنه إذا أغضب أو خولف، أو رد عليه أن يستقبل ذلك بالقبول.
وقال بعضهم: خشوع القلب: قيد العيون عن النظر.
وقال محمد بن علي الترمذي: الخاشع من خمدت نيران شهوته، وسكن دخان صدره، وأشرق نور التعظيم في قلبه، فماتت شهوته، وحيي قلبه؛ فخشعت جوارحه.
وقال الحسن البصري: الخشوع: الخوف الدائم اللازم للقلب.
وسئل الجنيد عن الخشوع، فقال: تذلل القلوب لعلام الغيوب.
قال الله تعالى: " وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً " سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق، رحمه الله، يقول ما معناه: متواضعين، متخاشعين.
وسمعته يقول: هم الذين لا يستحسنون شِسع نعالهم إذا مشوا.
واتفقوا على أن الخشوع محله القلب.
ورأى بعضهم رجلاً منقبض الظاهر، منكسر الشاهد، قد زوى منكبيه، فقال له: يا فلان، الخشوع هاهنا، وأشار إلى صدره، لا هاهنا وأشار إلى منكبيه.
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأي رجلاً يعبث في صلاته بلحيه، فقال: " لو خشع قلب هذه لخشعت جوارحه " .
وقيل، شرط الخشوع، في الصلاة أن لا يعرف من على يمينه ومن على شماله.
قال الأستاذ الإمام: ويحتمل أن يقال: الخشوع، إطراق السريرة بشرط الأدب بمشهد الحق سبحانه وتعالى.
ويقال: الخشوع، ذبول يرد على القلب عنداطلاع الرب.
ويقال: الخشوع، ذوبان القلب وانخناسه عند سلطان الحقيقة.
ويقال: الخشوع، مقدمات غلبات الهيبة.
ويقال: الخشوع: قشعريرة ترد على القلب بغتة عند مفاجأة كشف الحقيقة.
وقال الفضيل بن عياض: كان يكره أن يرى على الرجل من الخشوع أكثر مما في قلبه.
الرسالة القشيرية