الإشارة
إنما يصعب الخضوع للجنس أو لمن دونه ، في حق من يغلب حسه على معناه ، وفرقُه على جمعه وأما من غلب معناه على حسه ، حتى رأى الأشياء الحسية أواني حاملة للمعاني ، أي : لمعاني أسرار الربوبية ، بل رآها أنواراً بارزة من بحر الجبروت ، لم يصعب عليه الخضوع لشيء من الأشياء؛ لأنه يراها قائمة بالله ، ولا وجود لها مع الله ، فلا يخضع حينئذٍ إلا لله ، فالملائكة - عليهم السلام - نفذت بصيرتهم ، فرأوا آدم عليه السلام عليه قبلة للحضرة القدسية ، فغلب عليهم شهود المعاني دون الوقوف مع الأواني ، فخضعوا لآدم صورةً ، ولله حقيقة . وإبليس وقف مع الحس ، وحجب بالفرق عن الجمع ، فلم ير إلا حس آدم معناه ، فامتنع عن السجود ، وفي الحِكَم العطائية : » فمن رأى الكون ، ولم يشهد الحق فيه ، أو عنده ، أو قبله ، أو بعده ، أو معه ، فقد أعوزه وجود الأنوار ، وحجبت عنه شموس المعارف بحب الآثار « . ولهذا المعنى صعب الخضوع للأشباح؛ لغلبة الفرق على الناس ، إلا من سبقت له العناية ، فإنه يخضع مع الفرق؛ محبة لله ، حتى يفتح الله عليه في مقام الجمع ، فيخضع لله وحده . والتوفيق لهذا ، والسير على منهاجه أعني الخضوع لمن يوصل إلى الله هو الصراط الذي أشار إليه الحق تعالى بقوله : { هذا صراط عَلَيَّ مستقيم }