ما عرفته الزاوية القادرية البودشيشية من تقاطر المريدين المنتسبين إليها والوافدين عليها من شتى الآفاق ومن جنسيات مختلفة وبمناسبات دينية مختلفة يعبر عن أن هذه الطريقة أصبحت تشكل مركز إشعاع روحي تنجذب إليه الأرواح التي لا جنسية لها اللهم إلا فطرتها التي فطرها الله عليها. والتي إذا أزيحت عنها الشوائب انجذبت إلى حضرة ربها وبارئها غير عابئة بالخصوصيات الثقافية واللغوية أو الحدود السياسية.
فإذا كانت الأجسام التي تتقمصها هذه الأرواح لها وطن بحدود جغرافية معترف بها دوليا ولا تنتقل من مكان الى آخر إلا بعد إجراءات معقدة و طبقا لاتفاقيات مبرمة فان الروح لاا تستأذن هذا الجسم لمغادرته لتتصل بروح أخرى ولا ترصد تنقلها الاجهزة الالكترونية مهما بلغت درجة حساسيتها ودقتها.وأنى لعالم الأمر أن تهتك حجبه وتستبيح أسراره أجهزة تنتمي إلى عالم يختنق داخل أسوار الزمان والمكان مكبل بقيود السببية المادية إنها هجرة مكثفة للارواح قبل الأشباح نحو الزاوية القادرية البودشيشية ونحو شيخها العارف بالله تبحث عن طعم السكينة و الطمأنينة التي لا يوفرها لها مجتمع يصطلي بجحيمم المادة ويكتوي بنار الاغتراب الروحي.
إن الوجه الآخر للعولمة الاقتصادية والمالية والتجارية التي يقف فيها العالم الاسلامي طرفا متلقيا ومتأثرا وغير فاعل فيها هو العولمة الروحية والتي يمكن للتصوف كرصيد روحي وللطريقة القادرية البودشيشية كرأس رمح له ان يكون طرفا فاعلا ومؤثرا وينقل الىى العالم الغربي الشعور بالطمأنينة والسكينة الروحية بسعر مجاني ذلك أن كلفة هذهه الطمأنينة هي فقط تحريك اللسان بذكر الله تعالى.
إن الأرواح التي لا تجد ذكرا لله تشتغل به تعاني في الغرب من بطالة مزمنة ولا يؤمن لها مجتمعها ـ حد الكفايةـ من الأنوار حدا يعتبر ضروريا لحياتها فتبحث عن ـلقمة من الأنوارـخارج الحدود تسد بها رمقهاالروحي والتي لا يمنحها إياها مجتمع تضرب فيه الغفلة عن الله ـالمقننةـ أطنابها. إن الآلة الاقتصادية في المجتمعات الغربية تنتج سلعا وبضائع ولا تنتج أنوارا تقدمهاغذاء لأرواح شعوبها الجائعة للأنوار.وقد وجد كثير من الغربيين في الطريقة القادرية البودشيشية تلك الآلة النورانية التي تصنع في زواياهاا المنتشرة في كل مكان غذاء نورانيا للارواح وهو ذكر الله تعالى وتوزعه مجانا عبرر الحدود دون أن ترصده أجهزة المراقبة ودون أن يخضع لرسوم جمركية أو قيود ضريبية.
د.محمد صحري