ظهور أهل التربية في زمان الغفلة والجهل نعمة عظيمةُ ، لكن لا يعرفها إلا من سقط عليها ، ومن أنكرها ، وسدَّ بابها ، وعوَّق الناس عن الدخول في طريقها ، فقد بدل نعمة الله كفراً ، وأحلَّ الناس من تبعه دار البواروهي :
الإقبال على الدنيا ، والانهماك في الغفلة ، وخراب الباطن من نور اليقين ، وكثرة الخواطر والوساوس ، والحرص والجزع والهلع ، وغير ذلك من أمراض القلوب .
وأيُّ عذاب المؤمن أشد من هذا في الدنيا؟ ويسقط في الآخرة عن درجة المقربين.
ومن لم يصحب أهل التوحيد الخالص لا يخلو من عبادة أنداد وأشباه؛ بمحبته لهم والركون إليهم . ومن أحب شيئاً فهو عبد له . قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه ذات يوم : إنا لا نحب إلا الله ، ولا نحب معه شيئاً سواه . فقال له بعض الحاضرين : قال جدك رسول الله صلى الله عليه وسلم : « النفس مجبولة على حب من أحسن إليها » فقال له الشيخ : إنا لا نرى الإحسان إلا من الله ، ولا نرى معه غيره .