قال الله تعالى: ( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ) .قال أبو سعيد الخدري : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من شيء يصيب العبد المؤمن، من وصب، أو نصب، أو حزن، أو ألم يهمه إلا كفر الله تعالى عنه من سيئاته " .
الحزن: حال يقبض القلب عن التفرق في أودية الغفلة.والحزن من أوصاف أهل السلوك.
سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق، رحمه الله تعالى، يقول: صاحب الحزن يقطع من طريق الله في شهر مالا يقطعه من فقد حزنه سنين، وفي الخبر: " إن الله يحبُّ كل قلب حزين ". .وفي التوراة: " إذا أحب الله عبداً جعل في قلبه نائحة، وإذا بغض عبداً جعل في قلبه مزماراً " .وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان متواصل الأحزان دائم الفكر.وقال بشر بن الحارث:الحزن ملك، فإذا سكن في موضع لم يرض أن يساكنه أحد.وقيل: القلب إذا لم يكن فيه حُزن خرب، كما أنَّ الدار إذا لم يكن فيها ساكن تخرب.وقال أبو سعيد القرشي: بكاء الحزن يعمى، وبكاء الشوق يعشي البصر ولا يعمي.
قال الله تعالى: " وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ" .وقال ابن خفيف: الحزن: حصر النفس عن النهوض في الطرب.وسمعت رابعة العدوية رجلاً يقول: واحزناه! فقالت: قل: واقلة حزناه، لو كنت محزوناً لم يتهيأ لكن أن تتنفس.وقال سفيان بن عيينه: لو أن محزوناً بكى في أمَّة لرحم الله تعالى تلك الأمَّة ببكائه.وكان داود الطائي الغالب عليه الحزن، وكان يقول بالليل: إلهي، همك عطل على الهموم، وحال بيني وبين الرقاد.وكان يقول: " كيف يتسلى من الحزن من تتجدد عليه المصائب في كل وقت؟ " .وقيل: الحزن: يمنع من الطعام، والخوف: يمنع من الذنوب.وسئل بعضهم: بم يستدل على حزن الرجل؟ فقال: بكثرة أنينه.وقال سري السقطي: وددت أن حزن كل الناس ألقي علي. قال أبو عثمان الحيري : الحزن بكل وجه فضيلة، وزيادة للمؤمن، ما لم يكن بسبب معصية، لأنه إن لم يوجب تخصيصاً فإنه يوجب تمحيصاً.
وعن بعض المشايخ أنه كان إذا سافر واحد من أصحابه يقول له: إن رأيت محزوناً، فاقرئه مني السلام.سمعت الأستاذ أبا عليَّ الدقاق يقول: كان بعضهم يقول للشمس عند غروبها، هل طلعت اليوم على محزون؟ وكان الحسن البصري لا يراه أحد إلا ظن أنه حديث عهد بمصيبة.وقال وكيع لما مات الفضيل، ذهب الحزن اليوم من الأرض.قال بعض السلف، أكثر ما يجده المؤمن في صحيفته من الحسنات الهم والحزن.قال الفضيل بن عياض : كان السلف يقولون: إن على كل شيء زكاة وزكاة العقل طول الحزن.سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي، رحمه الله، يقول: سمعت محمد بن أحمد الفراء يقول: سمعت أبا الحسين الوراق يقول، سألت أبا عثمان الحيري يوماص عن الحزن فقال: الحزين لا يتفرغ إلى سؤال الحزن، فاجتهد في طلب الحزن، ثم سل.