إن العارف بالله غريق الربوبية قد ينشله الحق منها ويضعه على شاطئ العبودية ليكون دالا عليه. فإذا كان كل تجلي يمحو في شعور العارف بالله التجلي الذي قبله، فإنه بالنسبة للعارف صاحب النفس الكاملة المحمدية تصبح كل التجليات بالنسبة إليه مستويات موضوعية في مرآة الوجود.فهو يتعامل مع كل مستوى بمقتضى المنطق الذي يتحكم فيه، بما فيه مستوى الحجاب الذي يتحكم فيه منطق السببية. فهو رجل يكون الجمع في قلبه والفرق على لسانه، وهو رجل شرب ولم يسكر، بل لم يزده الشرب إلا صحوا.
يقول ابن عطاء الله : " إذا كانت عين القلب تنظر أن الله واحد في سنته، فالشريعة تقتضي أن لابد من شكر خليقته.
وإن الناس في ذلك على ثلاثة أقسام:
- غافل منهمك في غفلته، قويت دائرة حسه، وانطمست حضرة قدسه، فنظر الإحسان من المخلوقين ولم يشهده من رب العالمين، إما اعتقادا فشركه جلي، وإما استنادا فشركه خفي.
- وصاحب حقيقة غاب عن الخلق بشهود الملك الحق، وفني عن الأسباب بشهود مسبب الأسباب. فهو عبد مواجه بالحقيقة، ظاهر عليه سناها، سالك للطريقة قد استولى على مداها. غير أنه غريق الأنوار، مطموس الآثار، قد غلب سكره على صحوه، وجمعه على فرقه، وفناؤه على بقائه، وغيبته على حضوره.
- وأكمل منه، عبد شرب فازداد صحوا، وغاب فازداد حضورا، فلا جمعه يحجبه عن فرقه، ولا فرقه يحجبه عن جمعه، ولا فناؤه يصده عن بقائه، ولا بقاؤه يصده عن فنائه، يعطي كل ذي قسط قسطه، ويؤتي كل ذي حق حقه.
وقال أبو بكر الصديق لعائشة رضي الله عنهما لما نزلت براءتها من الإفك على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشكري رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: والله لا أشكر إلا الله. دلها أبو بكر على المقام الأكمل مقام البقاء المقتضي لإثبات الآثار. وقال صلى الله عليه وسلم لا يشكر الله من لا يشكر الناس. وكانت في ذلك الوقت مصطلمة عن شاهدها، غائبة عن الآثار، فلم تشهد إلا الواحد القهار".
وصفات النفس الكاملة هي : صفات النفس المطمئنة والراضية والمرضية.
السلام عليكم محتاج أتكلم مع كاتب هذا المقال
ردحذف