الحب هو روح التصوف ، وهو شعاره ودثاره ، والحال المشترك بين المتصوفة جميعاً ، هو بداية البداية ، كما انه نهاية النهاية ، وكأس المحبة لديهم تمكن فيها كل الأسرار والأنوار .
والحب عند المتصوفة ، لا يمكن تحديده ولا تعريفه ، ولا شرح حقائقه ، وإنما يحد باللفظ فقط ، ويعرف بالعرف والاصطلاح ، أو كما يقول محيي الدين بن عربي ( من حد الحب ما عرفه ؟ ومن لم يذقه شرباً ما عرفه ؟ ومن قال رويت منه ما عرفه ؟ ) فالحب شرب بلا ري ، قال بعض المحجوبين شربت شربة فلم اظمأ بعدها أبدا ، فقال أبا يزيد : الرجل من يحسو البحار ولسانه خارج على صدره عن العطش .
وهكذا هو الحب ، حنين متجدد ، وشوق مستمر وظمأ دائم لا حد له ولا غاية ، لأنه متجدد مع الأنفاس ، فالشوق لا نهاية له ، لان أمر الحق لا نهاية له ، فما من حال يبلغها المحب إلا ويعلم أن وراء ذلك ما هو أتم وأوفى ، ويقول الإمام الغزالي : أن تبلغ الحالة تعرف ما هي . ولكل محب من هواه على قدر همته ، أو على قدر موهبته .