كل من لا شيخ له في طريق القوم فهو يتيم ، لا أبَ له ، فإن ادعى شيئاً من الخصوصية سُمي عندهم لقيطاً أو دعياً ، أي؛ منسوباً إلى غير أبيه ، وما زالت الأشياخ تُحذِّر من مخالطة العوام ، ومن مخالطة المتفقرة الجاهلة ، أعني : الذين لا شيخ لهم يصلح للتربية ، حتى قالوا : مخالطتهم سُم قاتل .
وقال بعضهم:يجتنب المريد مخالطة ثلاثة أصناف من الناس : المتفقرة الجاهلين ، والقراء المداهنين ، والجبابرة المتكبرين .قلت : وكذلك الفروعية المتجمدين على ظاهر الشريعة ، فصُحبتهم أقبحُ من الجميع ، ومن ابتلى بمخالطة العوام فلينصحهم ، ويرشدهم إلى مصالح دينهم ، إنما هم إخوان في الدين ، والله يعلم المفسد من المصلح ، فمن خالطهم طمعاً في مالهم أو جاههم ، أفسده الله ، ومن خالطهم نُصحاً وإرشاداً أصلحه الله ، ولو شاء الله لأمر الفقراء باعتزالهم بالكلية ، وفي ذلك حرج ومشقة ، ومِنْ حكمته تعالى أن جعلهم حجاباً لأهل الحجاب ، ومدخلاً لذوي الألباب ، حجاباً للضعفاء ، ومدخلاً ومشهداً للأقوياء . والله تعالى أعلم .