آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الحلول والاتحاد كما يراهم المغرضون.

إن من أهم ما يتحامل به المغرضون على الصوفية اتهامهم جهلا" وزورا" بأنهم يقولون : بالحلول والاتحاد. يعنى أن الله سبحانه وتعالى قد حل في جميع أجزاء الكون في البحار والجبال والاشجار والانسان والحيوان . . . .!! أو بمعنى أن المخلوق ذات الخالق . فكل الموجودات المحسوسة والمشاهدة في هذا الكون هي ذات الله تعالى .تعالى الله عن ذلك علوا" كبيرا" .

ولا شك أن هذا القول كفر صريح يخالف عقائد الأمة والإسلام . وما كان للصوفية وهم المتحققون بالإسلام والإيمان والإحسان أن ينزلقوا إلى هذا الدرك من الضلال والكفر .
وما ينبغي لمؤمن منصف أن يرميهم بهذا الكفر "جزافا" دون تمحيص أو تثبيت ومن غير أن يفهم مرادهم ويطلع على عقائدهم الحقة التي ذكروها صريحة واضحة في أمهات كتبهم كالفتوحات المكية واحياء علوم الدين والرسالة القشيرية . . . . !!
ولعل بعض المغرضين المتحاملين على الصوفية يقولون أن هذا القول بتبرئة السادة الصوفية إنما هو تهرب من الواقع أو دفاع مغرض عن الصوفية بدافع التعصب... فهلا تاتون بدليل من كلامهم يبرئ ساحتهم من هذه التهم ؟

فلبيان الحقيقة الناصغة نورد "نبذا" من كلام الصوفية تثبت برائتهم مما اتهموا به من القول بالحلول والاتحاد وتحذيرهم الناس من الوقوع في هذه العقيدة الزائفة . وتظهر بوضوح أن ما نسب اليهم من أقوال تفيد بالحلول أو الاتحاد إما مدسوسة عليهم أو مؤولة بما يلائم هذه النصوص الصريحة

- يقول الشعراني : { لعمري إذا كان عباد الأوثان لم يتجرؤا على أن يجعلوا آلهتهم عين الله . بل قالوا ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله "زلفا" . فكيف يظن بأولياء الله تعالى أنهم يدعون الاتحاد بالحق على حدٍ ما ترفضه العقول المريضة . . . ؟!
هذا كالمحال في حقهم رضي الله عنهم . اذ ما من ولي إلا وهو يعلم أن حقيقته تعالى مخالفة لسائر الحقائق وأنها خارجة عن جميع معلومات الحقائق . لأن الله بكل شيء محيط . والحلول والاتحاد لا يكون إلا بالأجناس والله تعالى ليس بجنس حتى يحل بالأجناس وكيف يحل القديم بالحادث والخالق بالمخلوق . واذا كان الحلول والاتحاد "محلا" في المخلوقات بين رجل وآخر فكيف تحدث بين الخالق والمخلوق بين الصانع والصنعة }.

- وقال ابن عربي في عقيدته الوسطى : { اعلم أن الله تعالى واحد بالاجماع ، ومقام الواحد يتعالى أن يحل فيه شيء أو يحل هو في شيء أو يتحد في شيء }.

وأما ما ورد من كلام الصوفية في كتبهم مما يفيد ظاهره الحلول والاتحاد فهو إما مدسوس عليهم بدليل ما سبق من كلام صريح لهم في نفي هذه العقيدة الضالة . وإما أنهم لم يقصدوا به القول بهذه الفكرة الخبيثة الضالة ، ولكن المغرضين حملوا المتشابه من كلامهم على هذا الفهم الخاطئ ورموهم بالزندقة والكفر . وأما الراسخون في العلم والمدققون والمنصفون من العلماء فقد فهموا كلامهم على معناه الصحيح الموافق لعقيدة الإسلام وأدركوا تاويله بما يناسب ما عرف عن الصوفية من إيمان وتقوى .

قال جلال الدين السيوطي في كتابه : الحاوي للفتاوي : { فإن الاتحاد عندهم هو المبالغة في التوحيد . والتوحيد هو معرفة الواحد الأحد ، فاشتبه ذلك على من لا يفهم إشاراتهم على غير محمله فغلطوا وهلكوا بذلك . . . . إلى أن قال : فإن أصل الاتحاد باطل محال مردود شرعا "وعقلا" . وعرفا" بإجماع الأنبياء ومشايخ الصوفية وسائر العلماء والمسلمين وليس هذا مذهب الصوفية وانما قاله غلاة لقلة علمهم وسوء حظهم من الله تعالى }. 
وقال : { وقد يذكر الاتحاد بمعنى فناء المخالفات وبقاء الموافقات وفناء حظوظ النفس من الدنيا وبقاء الرغبة في الاخرة وفناء الاوصاف الذميمة وبقاء الاوصاف الحميدة وفناء الشك وبقاء اليقين وفناء الغفلة وبقاء الذكر }.

من هذه النصوص المتعددة تبين لنا أن كل ما ورد في كلام السادة الصوفية من كلمة الاتحاد إنما يراد بها هذا الفهم السليم الذي يوافق العقيدة والاسلام وهؤلاء القوم . فالاتحاد هو الفناء عن المخالفات والبقاء في الموافقات .

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية