آخر الأخبار

جاري التحميل ...

مقامات وأحوال الصوفية : التَّجَلّي والاسْتِتَار .

قال سهل:" التجلي على ثلاثة أحوال: تجلي ذات ( وهي المكاشفة )، وتجلي صفات الذات ( وهي موضع النور )، وتجلّي حكم الذات ( وهي الآخرة وما فيها ) ".معنى قوله " تجلي ذات وهي المكاشفة ": كشوف القلب في الدنيا؛ كقول عبد الله بن عمر:" كنا نتراءى الله في ذلك المكان "، يعني في الطواف، وقال النبي : { اعبد الله كأنك تراه }. وكشوف العيان في الآخرة.ومعنى قوله " تجلي صفات الذات وهي موضع النور ": هو أن تتجلى له قدرته عليه فلا يخاف غيره،وكفايته له فلا يرجو سواه، وكذلك جميع الصفات؛ كما قال حارثة:" كأني أنظر إلى عرش ربي بارزا "، كأنه تجلى له كلامه في أخباره، فصار الخبر له كالمعاينة،و" تجلي حكم الذات ": يكون في الآخرة: فريق في الجنة، وفريق في السعير.

قال بعض الكبار:" علامة تجلى الحق للأسرار: هو أن لا يشهد السر ما يتسلط عليه التعبير، أو يحويه الفهم، فمن عبر أو فهم فهو خاطر استدلال، لا ناظر إجلال ".معناه: أن يشهد ما لا يمكنه العبارة عنه، أي التعبير عنه؛ لأنه لا يشهد إلا تعظيما وهيبة، فيمنعه ذلك عن تحصيل ما شاهد من الحال.وأنشدونا لبعضهم:

إذا مـا بدت لي تَعاظَمتُها
فأصدر في حال من لم يرد
أجِـدْهُ إذا غبت عني بـه
وأشْـهَدُ وجدي لـه قد فقد
فلا الوصل يشهدني غيره 
ولا أنـا أشْـهَدُهُ مُنْفَـرِد
جُمِعْـتُ وفُرِّقْتُ به عني 
فَفَـرْدُ التواصل مثنى العدد

معناه: إذا بدت الحقيقة غلب عليّ التعظيم، فأغيب في شاهد التعظيم عن شهود التحصيل، فأكون كمن لم يبد له، وإنما يكون وجودي له إذا غبت عني، وإذا غبت فقد وجودي، فحالة الوصل الذي هو فنائي عني لا يشهدني غيره، وحالة الانفراد وقيامي بصفتي يغيبني عن شهوده، فكأن جمعي به فرقني عني، فيكون حالة الوصل: هو أن يكون الله عز و جل مصرفي، فلا أكون أنا في أفعالي، فهو: الله تعالى لا أنا؛كما قال الله تعالى لنبيه: { وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى }، وهذا لسان الحال.

ولسان العلم: أن الله مصرفي وأنا به متصرف، فيكون المعبود والعبد.وقال بعضهم:
" التجلي: رفع حجبة البشرية، لا أن تتلون ذات الحق عن ذلك وعلا. والاستتار: أن تكون البشرية حائلة بينك وبين شهود الغيب "، ومعنى " رفع حجبة البشرية ": أن يكون الله تعالى يقيمك تحت موارد ما يبدو لك من الغيب؛ لأن البشرية لا تقاوم أحوال الغيب.والاستتار الذي يعقب التجلي: هو أن تستتر الأشياء عنك فلا تشاهدها، كقول عبد الله بن عمر للذي سلم عليه وهو في الطواف فلم يرد عليه فشكاه _ فقال:" إنا كنا نتراءى الله في ذلك المكان "؛ أخبر عن تجلى الحق له بقوله " كنا نتراءى الله "، وأخبر عن الاستتار بغيبته عن التسليم عليه.وأنشدنا لبعض الكبار:

سَرائرُ الحق لا تبدو لِمُحْتَجِبٍ 
أخفاه عنك فلا تعرض لِمُخْفيه

لا تعن نفسك فيما لست تدركه 
حاشا الحقيقة أن تبدو فتؤويه

التعرف لمذهب أهل التصوف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية