آخر الأخبار

جاري التحميل ...

العهد او المصافحة عند الصوفية


إذا كان الطريق يتشكل ويتكون من شيخ ومريد فإن الذي يربط بينهما العهد والبيعة، والعهد : هو أوثق رباط بين رجلين تحابا في الله وتعاهدا على طاعته، إنها بيعة لله وفي الله وبالله.يقول تعالى:﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْوالعهد والمبايعة للشيخ معناه الأخذ والمصافحة.
ومبايعة الشيخ مبايعة لرسول الله فكل بيعة حصلت بعد بيعة رسول الله هي في الحقيقة تجديد لبيعته.
وقد عرف بين الصوفية مصطلحات تدل على عمق العلاقة بين الشيخ والمريد، فسموا بداية الرباط بـ: العهد، البيعة، إلباس الخرقة، الطريق، وهي ألفاظ لها دلالات تربوية سلوكية عميقة، تعني بحسب الظاهر ابتداء الرابطة بين المريد السالك والشيخ الكامل، وبحسب الحقيقة والباطن ربط المريد بالمراد سبحانه.

والعهد في الاصطلاح - على ما عرفه الجرجاني -: "حِفْظُ الشيء ومراعاته حالا بعد حال".
وهذا المعنى متحقق في العهد عند الصوفية، حيث يُقْصَد بأخْذ العهد على المريد أن يحافظ على الواجبات والآداب الشرعية، ويراعي ما يُلقِّنه له شيخه من الأذكار والأوراد والمجاهدات حالا بعد حال، ولا يهملها ولا يغفل عنها، فالمقصود بالعهد عند الصوفية هو التأكيد على السالك والمريد بالانتقال من حياة الغفلة وغلبة الشهوات إلى حياة التوبة والمراجعة للنفس والتفتيش عن عيوبها والإقبال على الله، فيتحقق بهذا العهد التأكيد على الانتقال من حال إلى أخرى، ومن مرحلة إلى مرحلة جديدة.
يقول الشيخ السهروردي في لبس الخرقة، وفيها معنى العهد والمبايعة: " قال: لبس الخرقة ارتباط بين الشيخ وبين المريد, وتحكيم من المريد للشيخ في نفسه, والتحكيم سائغ في الشرع لمصالح دنيوية فماذا ينكر المنكِر للبس الخرقة على طالب صادق في طلبه يتقصد شيخاً بحسن ظن وعقيدة يحكمه في نفسه لمصالح دينه, يرشده ويهديه ويغرفه طريق المواجيد ويبصره بآفات النفوس وفساد الأعمال ومداخل العدو, فيسلم نفسه إليه ويستسلم لرأيه واستصوابه في جميع تصاريفه".

وفي معنى العهد أيضا البيعة، فهي مدخل الصحبة المباركة بين الشيخ المربى ومريد الوصول إلي معرفة الحق تبارك وتعالى، وبها يسري تأثير الشيخ في مريده بالحال والمقال، ويتحقَّق الرباط الوثيق الذي يستهدف تزكية النفس الإنسانية وصلاح القلبوالروح.
وذلك لأنه لا يكفي عند الصوفية في سلوكهم إلى طريق الله سبحانه وتعالى مجرَّدُ العلم، فمجرد قراءة كتب التصوف عندهم - بلا معاناة لتهذيب النفس ومجاهدتها - إنما تُعَدُّ متعة ذهنية، وثقافة عقلية، قد تشارك فيها النفس الأمارة بالسوء، فتكون طريقا إلى الضلالة طردا أو عكسا، أما المنح الروحية من الله تعالى فهي نتيجة الجهود والأعمال؛ فالصوفية أرباب أحوال، لا أصحاب أقوال، وعندهم لم ينل المشاهدة من ترك المجاهدة.
والبيعة عقد إلزامي يلزم المتعاقدين بكل ما في بنود البيعة، والبيعة أشد وأوثق من الإيمان ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا[النحل: 91].

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية