آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الحكم العطائية (113) : متى جعلك الله فى الظاهر ممتثلاً لأمره وفى الباطن مستسلما لقهره ، فقد أعظم المنة عليك .

في الباطن يدل على كمال الطريقة ونهاية الحقيقة والجمع بينهما هو غاية الكمال ، إذ منتهي الكمالات الشرائع فمتي جعلك أيها الأنسان في الظاهر ممتثلاً لأمره ومجتنباً لنهيه وفي الباطن مستسلماً لقهره فقد أعظم المنة عليك حيث أراح ظاهرك من عنت المخالفة وأراح باطنك من تعب المنازعة ، أو تقول حيث زين ظاهرك بالطاعة وزين باطنك بالمعرفة ، فالواجب عليك أن تشكر هذه النعمة وتعرف قدرها حتى تعظم محبة الله في قلبك وذلك أقصى مرادك وقصدك والله ذو الفضل العظيم .

ومتى أثبت لك هذا الأمر فقد خلصك من نفسك وحررك من رق حظك فلا تبال معها ما فاتك من تخصيص الكرامات الحسية لأنها أمور وهمية كما أشار إلى ذلك ليس كل من ثبت تخصيصه كمل تخليصه ، قلت المراد هنا بالتخصيص تخصيصه بالكرامات الحسية ، والمراد بالتخليص تخليصه من رق الحظوظ ومن بقية السوى ، فليس كل من ثبت تخصيصه بالكرامات الحسية كمل تخليصه من حظوظه النفسية ، ليس كل من ثبت تخصيصه بالكرامات كمل تخليصه من العوائد والشهوات ، بل قد يعطي الكرامة الحسية بعض من لم يتخلص من حظوظه النفسية وحكمة ظهورها عليه ثلاثة أمور:

أحدها: أنهاضه في العمل لحصول فترة أو وقعة.
الثاني: أختبار له هل يقف معها فيحجب أو يأنف عنها فيقرب.
الثالث: زيادة في يقينه أو يقين الغير فيه لينتفع به فهي مقصودة بالتكميل على كل حال، قال سهل رضي الله عنه لرجل قال له أني أتوضأ فأجد الماء يسقط من يدي قضبان ذهب وفضة فأجابه بقوله: أما علمت أن الصبيان إذا بكوا أعطوا خشخاشة يشتغلون بها قال بعض العلماء: ما رأيت هذه الكرامات إلا على أيدي البله من الصادقين.

الكرامة العظمى هي المعرفة والإستقامة ورفع الحجاب وفتح الباب ، فلا كرامة أعظم من هذا ، ويحتمل أن يريد بالتخصيص تخصيص التقريب والهداية ، فليس كل من ثبت تخصيصه بالهداية وشروق الأنوار كمل تخليصه من رؤية الأغيار ، فقد يخصص بالمجاهدة والمكابدة ولا يتحف بالمعرفة والمشاهدة ، قوم أقامهم لخدمته وقوم أختصهم بمحبته كما تقدم ، فالعباد والزهاد ثبت تخصيصهم فهم من عوام المقربين ولم يكمل تخليصهم من شهود السوى حتى يكونوا من خواص العارفين وبالله التوفيق .

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية