آخر الأخبار

جاري التحميل ...

التدين وكمالات التوجه


إن تحصيل التوجه الأكمل، باعتباره أس التدين السليم، ومعيار التخلق القويم، لا يتحقق بالمسالك المقالية والوعظية، بل يقتضي من المتوجه طلب هذا المعنى عند أهله المتحققين به على التمام والكمال، حيث لا مناص من طلب الوجهة الربانية أو القدوة، أي لا بد من الاقتداء.
والوجهة الربانية تشخصت في تاريخ الإنسانية في سير الأنبياء والرسل وشيوخ التربية ممن اصْطُفِي لوراثة سر الهداية والتوجيه.
وللوجهة الربانية أو القدوة أوصاف نجملها فيما يلي:
أ. التصديق:
فلما كان الاشتغال هو المبدأ والمنتهى عند الوجهة الربانية، فإن هذه اليقظة الاشتغالية تجعل أقواله وأفعاله وأحواله متصادقة، بحيث تترابط على مقتضى التوافق والتلازم، فالفعل شاهد على صدق القول، والقول سند مؤيد للفعل، والحال يمدهما بأسباب الوصل والحياة.
ب. الاستناد:
فالمتوجه الذي بلغ الذروة والنموذجية التي تؤهله للانتصاب لتوجيه الخلق إلى الحق، لا بد وأن يكون هو قد حصل توجهه من طريق موصول السند، أي عبر الوراثة المتواصلة، متوجها عن متوجه، إلى الوجهة العظمى وسيد المتوجهين سيدنا محمد عليه أفضل صلوات الله تعالى وسلامه.
ج. الرسوخ والتمكين في الفهم والاجتهاد:
فمن جهة الفهم، تجد القدوةَ أو الوجهة الربانية قد سلك مسالك مخصوصة في فهم نصوص الشرع، بحيث تكون المدركات عنده من هذه النصوص، عبارة عن قيم عملية حية، هي أكثر قربا إلى قلب المتوجه، وأدعى إلى استشعار الأنس بربه.
وأما الاجتهاد فله صلة بما قبله، ويظهر في عدم الاكتفاء بظواهر النصوص والأشياء فقط، بل يكون النظر في هذه الظواهر والأشياء موجَّها بالتماس الحكمة أو الحِكَم المنطوية فيها، مثلما يكون موجها بمقصد استنهاض الهمة إلى التخلق بها. كما يَظهرُ هذا الاجتهاد في النظر في مآلات الأمور وأحوالها على سبيل الاجتماع، مع اعتبار المآل هو الأولَى من الحال إذا تعارضا، فقد يكون الشيء محمودا باعتبار حاله، لكن له آثارا غير محمودة على سلوك المتوجه باعتبار المآل.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية