العلم النافع هو علم القلوب ، ومرجعه إلى تصفية القلوب من الرذائل وتحليتها بالفضائل .
أو تقول : مرجعه إلى التخلية والتحلية ، فيبحث أولا عن عيوب النفس ، وعيوب القلب ، وعيوب الروح ، وعيوب السر ، فيطهر كل واحد من عيوبه ، فإذا تطهر من الجميع تحلى بصفات الكمال كالإيمان والإيقان والطمأنينة والمراقبة والمشاهدة ، وتحلى أيضاً بالحلم والرأفة والسخاء والكرم والإيثار وسائر الأخلاق الحسنة .
فشعاع العلم الذي ينبسط في الصدر : هو ثلج اليقين ، وبرد الرضا والتسليم ، وحلاوة الإيمان ، ومواجيد العرفان وينشأ عن ذلك : مخافة الله وهيبته ، والحياء منه ، والسكون والطمأنينة ، وغير ذلك مما تقدم من الأخلاق الحسنة .
والقناع الذي ينكشف به عن القلب : هو الغفلة وسبب الغفلة هو الرضا عن النفس ، وسبب الرضا عن النفس هو حب الدنيا الذي هو أصل كلك خطيئة ، فمن حب الدنيا ينشأ الحسد والكبر ، والحقد والغضب والشح والبخل وحب الرياسة والقساوة والفظاظة والقلقوغير ذلك من العيوب .
فإذا انكشف هذه الأمور عن القلب انبسط فيه شعاع العلم ، الذي هو ثلج اليقين ، وبرد الرضا ، وما تقدم ذكره لأن العلم بالله نور في القلب ، وينبعث منه شعاع ينبسط في الصدر فيكسبه الزهد في الدنيا ، فإذا زهد في الدنيا اتسع صدره باليقين والرضا والتسليم وغير ذلك من المحاسن.
ويحتمل أن يريد بانبساط الشعاع في الصدر نور الإسلام والإيمان وهي أنوار التوجه ، وبكشف القناع عن القلب كشف حجاب الحس وظلمة الكون فتبدو أنوار المواجهة ، وهي أنوار الإحسان ، وأسرار العرفان .