قال صاحب الحكم العارف بالله بن عطاء الله السكندري قدس الله سره: "جد صادقا تجد مرشدا".
فمتى توجّه القلب لله يرجوه وعبادته على نحو سليم معافى من الأمراض التي تخدش عبوديته له خالصة، هيأ الله لعبده من يُرَقّّيهِ لتلك المنحة.
وربّما التبس على المرء أن يعرف هل هو على الصّدق أم لا؟ فالنّفس بحر خضم أعيت سفانيها. فلاشك انّ الصدق تعلّق القلب بالحق، فالإلحاح والدعاء المستمر مظهر من مظاهر الصدق، ولا يزال العبد يطرق الباب فيفتح له.
والصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم من أكبر أبواب القرب، فالمداوم لها والمكثر منها لا يزال أمره في خير وإلى خير. وهي شعار الصالحين. وربما واظب عليها حتى كثرت رؤاه في المنام لسيد الوجود صلى الله عليه وسلم.
وقد ورد أن الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس الله سره قال أنّه من واظب على صلاة ركعتين ويدعو فيهما أو بعدهما بهذا الدعاء يسهل الله له شيخا يدلّه عليه ، والدعاء هو "اللهم دلّني عليك و دلّني على من يدلّني عليك".
وقد حدث أن أحدهم كان يُكثِرُ من هذا الدعاء وكان أحيانا يقوم الليل ويدعو به متضرعا لله، فسمع في المنام مناديا يقول له إنّ شيخك فلان فاقصده. فلمّا استيقظ الرجل سأل عن الشيخ باسمه فدلّوه عليه، فلمّا قصده وزاره قال له الشيخ: أنت الذي كنت تنادي علينا؟..
والحاصل أن الله أقرب لطالبه من كل شيء، فليصدق الطلب وليحسن التوجه لله ... وسيسخّر له شيخا أو مرشدا اليه. ولو تعلّق قلب رجل بشيخ حي علم صدق مشيخته ووراثته المحمدية واطمأنّ له اطمئنانا تاما مطلقا، واتخّذه شيخا بطريق الغيب، وعقد نيته فيه نية صادقة فإن شاء الله سيجد سببا للقائه به، فإّنّهم بأمر الله قائمون، وأمر المشايخ رضوان الله عليهم في حقيقته أنّهم في حضرة الله أمدادهم لا تنفد ولا تنتهي، وإنّما بقدر المستمدّ منهم فمن عقد نيته فيهم جعل الله له مددا منهم أينما كان. وربما سهلّ له لقاءً بهم عيانا.. وأخذ عنهم الطريق. والله اعلم.