الإشارة
الروح كالأب ، والبشرية كالأم ، وعقد الصحبة مع الشيخ كالولد ، فأن كان الإنسان له صحبة مع شيخ التربية ، يعني له ورد منه ، فالبشرية والروحانية سواء ، إذ كلاهما يتهذبان ويتنوران بالأدب والمعرفة؛ الأدب للبشرية ، والمعرفة للروحانية ، إذ استمد بالطاعة الظاهرُ استمد الباطن ، وبالعكس ، وأن لم يكن عقد الصحبة موجودًا كان ميراث البشرية من الحس أقوى كميراث الأم مع فقد الولد ، أو تقول : الإنسان مركب من حس ومعنى ، فالحس كالأم ، والمعنى كالأب ، لأن المعاني قائمة بالحس ، والروح تستمد منها معًا ، فهي كالولد بينهما ، فإن كانت الروح حية بوجود المعرفة ، استمدت منهما معًا ، وإن كانت ميتة ، كان استمدادها من الحس أكثر ، كموت الولد في ميراث الأم .
أو تقول : الإنسان بين قدرة وحكمة ، القدرة كالأب ، والحكمة كالأم ، والقلب بينهما كالولد ، فإِنْ وُجد القلب استمدت الروح من القدرة والحكمة ، واستوى نظرها فيهما .
تفسير ابن عجيبة