(الْمُؤْمِنُ يَشْغَلُهُ الثَّنَاءُ عَلَى اللهِ تَعَالَى عَنْ أَنْ يَكُونَ لِنَفْسِهِ شَاكِرًا ، وَتَشْغَلُهُ حُقُوقُ اللهِ عَنْ أَنْ يَكونَ لِحُظُوِظِه ذَاكِراً)
النفس عند تحقق الفناء لا وجود لها حتى تذكر، ولا فعل لها حتى تشكر، فليس للعارف عن نفسه أخبار حتى يخبر عنها بفعل شيء فضلا عن أن يشكر لها وصفا، قد استغرقه شهود فعل الحق عن فعله وشهود وصف الحق عن شهود وصفه وشهود نور ذات الحق عن شهود ذاته، فيشغله الثناء على الله عن الإلتفات إلى ما سواه إذ لا يشهد في الكون إلا إياه، وتشغله حقوق الحق عن الإلتفات إلى حظوظ النفس إذ لا نفس مع الفناء فلا يبقى إلا حقوق العالم الاسنى فتنقلب الحظوظ في حقه حقوقا، لأنهم إذا نزلوا من عش الحضرة إلى أرض الحظوظ ،أرواحهم من طلب الحظوظ معجلة أو مؤجلة نفسانية أو روحانية، ان صدر منهم عمل رأوه منة من الله فيستحيون أن يطلبوا عليه عوضا أو غرضا، كما أبان ذلك بقوله ليس المحب الذي يرجو من محبوبه عوضا ويطلب منه غرضا، قلت لا شك أن المحبة التي تكون على الرحوف والحظوظ ليست بمحبة وإنما هي مصانعة لقضاء الحاجة فمن أحب أحدا ليعطيه أو ليدفع عنه فإنما احب نفسه إذ لولا غرض نفسه فيه ما أحبه قال أبو محد رويم رضي الله عنه من أحب العوض نغص العوض إليه محبوبه وأيضا فطالب العوض إنما هو بائع يريد أن يعطي لينال والمحب مقتول في محبة سيده لا يعرج على سواء مرضاته.