التصوف يعتمد الصحبة منهاجا لتحقيق غاياته، ''التحقق بمضامين الدين''.
والصحبة في اصطلاح أهل السلوك تعني أن يلازم شخص شخصا آخر '' بالموافقة '' لتتحقق من هذه الملازمة غاية منشودة . هذه الغاية التي هي التحقق بمضامين الإسلام أو ما اصطلح عليه بـ'' المعرفة بالله ، أو الدخول على الله أو ''الوصول '' والشخص الملازِم -كسرا- يسمى ''مريدا''، وهو الساعي ليحقق غاية الصحبة · والشخص الملازَم -فتحا- يدعى عند -أهل السلوك ''الشيخ المربي''وهو من تحقق بهذه المضامين و تأهل - بواسطة الإذن الخاص - ليوصل إليها وعليه فلكي يعتبر نشاط ديني تصوفا لابد أن يكون قد اعتمد على الصحبة -بهذا المعنى- ويتبين من هذا أن الصحبة تتركز على الشيخ المربي · وعليه فإذا كان منهاج التصوف هو ''الصحبة'' فإن محور الصحبة هو ''الشيخ المربي''·
وهكذا يتأكد أن لـ ''الشيخ المربي'' دورا ناجعا بل حاسما في مسيرة من أخذ السير إلى الله ليتحقق بمضامين الدين··· ومن أراد أن يعبد الله حق العبادة· وقد تنبه العلماء لهذه الخطورة قديما ولذا نجدهم يسمون ''الشيخ المربي'' المتبوع المُقَدَّم ،أو الكبريت الأحمر، أو القدوة، أو الواسطة أو الكيمياء· وما أكثر ما تزخر به كتب القوم من هذه الألقاب··· ولقد قيل الشيء الكثير بصدد الصحبة ولماذا الشيخ؟ وسوف لن نطيل بذكر كل أو جل ما قيل ··وإليكم بعض النماذج مما قيل في هذا الشأن :
- روي عن الجنيد رضي الله عنه قوله:''الله سبحانه سن سنة أزلية ألا يجد السبيل إليه إلا من قيض الله له أستاذا عارفا بالله فيسوقه إلى منهاج عبوديته، ومعارج روحه وقلبه، إلى مشاهدة ربوبيته، ويكون واسطة بينه وبين الله، وإن كان الفضل بيد الله يوتيه من يشاء بغير علة ولا سبب'' وهذا معنى قولهم:''ما أفلح من أفلح إلا بصحبة من أفلح''.
- قال سيدي ابن عجيبة في إيقاظ الهمم: ''وللصحبة في طريق التصوف أمر كبير في السير إلى الله تعالى حسبما جرت به عادة الله وحكمته، حتى قال بعضهم: ''·من لا شيخ له فالشيطان شيخه''، وقال آخر''الإنسان كالشجرة النابتة في الخلاء، فإن لم تقطع وتقلم كانت دكارا'' وقال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه: ''كل من لا شيخ له في هذا الشأن لا يفرح به''·
ذ·الحسين ألواح