آخر الأخبار

جاري التحميل ...

اسكتوا عن المحبة لا تسمعها النفوس فتدعيها

أما بعد؛ فإن الله -تعالى- خلق الخلق وأوجدهم لعبادته الجامعة لخشيته ورجائه ومحبته كلما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] وإنَّما يعبد الله -سبحانه- بعد العِلْم به ومعرفته.
وقد علم أن العبادة إِنَّمَا تبنى عَلَى ثلاثة أصوال: الخوف والرجاء والمحبة.
وقد كثر في المتأخرين المنتسبن إِلَى السلوك تجريد الكلام في المحبة وتوسيع القول فيها بما لا يساوي علي الحقيقة مثقال حبة، إذا هو عار عن الاستدلال بالكتاب والسنة، وخال من ذكر كلام من سلف من سلف الأمة وأعيان الأئمة،وإنما هو مجرد دعاوي، قد تشرف بأصحابها عَلَى مهاوي، وربما استشهدوا بأشعار عشاق الصور، وفي ذلك ما فيه من عظيم الخطر، وقد يحكون حكايات العشاق، ويشيرون إِلَى التأدب بما سلكوه من الآداب والأخلاق، وكل هذا ضرره عظيم، وخطره جسيم.

وقد يكثر ذكر المحبة ويعيدها ويبديها من هو بعيد عن التلبس بمقدماتها ومباديها، وما أحسن قول ذي النون -رحمة الله تعالى- وقد ذكر عنده الكلام في المحبة فَقَالَ: "اسكتوا عن هذه المسألة، لا تسمعها النفوس فتدعيها" فإن النفوس من الكبر والفخر والغرور "والمتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور" ، وكثير ما تقترن دعوى المحبة بالشطح والإدلال وما ينافي العبودية من الأقوال والأفعال.

وكل منهما فرض لازم، والجمع بين الثلاثة حتم واجب، فلهذا كان السَّلف يذمون من تعبد بواحد منها وأهمل الآخرين؛ فإن بدع الخوارج ومن أشبههم إِنَّمَا حدثت من التشديد في الخوف والإعراض عن المحبة والرجاء، وبدع المرجئة نشأت من التعليق بالرجاء وحده والإعراض عن الخوف، وبدع كثير من أهل الإباحة والحلول ممن ينسب إِلَى التعبد، نشأت من إفراض المحبة والأعراض عن الخوف والرجاء.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية