آخر الأخبار

جاري التحميل ...

من دلك على الله فقد نصحك

الإشارة : من تأمل القرآن العظيم ، وما جاء به الرسول - عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم - وجده يدل على ما يفضي إلى الراحة دون التعب ، وإلى السعادة العظمى دون الشقاء ، لكن لا يتوصل إلى الراحة إلا بعد التعب ، ولا يفضي العبد إلى السعادة الكبرى إلا بعد الطلب ، فإذا اجتهد العبد في طلب ربه ، وكله إلى شيخ ينقله من عمل الجوارح إلى عمل القلوب ، فإذا وصل العمل إلى القلب استراحت الجوارح ، وأفضى حينئذ إلى روح وريحان ، وجنة ورضوان ، أعني جنة العرفان . ولذلك قال الشيخ أبو الحسن: « ليس شيخك من يدلك على تعبك ، إنما شيخك من يريحك من تعبك » ، كما في لطائف المنن .
وقال شيخنا القطب ابن مشيش : وقد سئل عن قوله صلى الله عليه وسلم : « يسروا ولا تعسروا » فقال : دلوهم على الله ، ولا تدلوهم على غيره ، فإن من دلك على الدنيا فقد غشك ، ومن دلك على العمل فقد أتعبك ، ومن دلك على الله فقد نصحك  . فإذا دلك على الله غيبك عن وجود نفسك بشهود ربك ، وهي السعادة العظمى ، كما تقدم في سورة هود . فمن اتخذ شيخا ثم لم ينقله من مقام التعب ، ولم يرحله من مقام إلى مقام ، فاعلم أنه غير صالح للتربية .
وقوله تعالى : { إلا تذكرة لمن يخشى } ، قال شيخ شيوخنا سيدي عبد الرحمن العارف : قيل : أنزل الله القرآن لتذكير سابق الوصال؛ لأن الأرواح لما دخلت الأشباح اكتسبت خشية ووحشة وفرقة عن معادنها ، فأنزل الله القرآن تأنيسا؛ لأن المحب يأنس بكتاب حبيبه وكلامه . وقال جعفر الصادق: أنزل الله القرآن موعظة للخائفين ، ورحمة للمؤمنين ، وأنسا للمحبين . وايضا : القرآن يذكر عظمة الله الموجبة خشيته ، فهو مذهب للغفلة . ثم قال : وفي الشهود الحاصل بالتذكير رفع المشقة ، ووجدان الراحة بالطاعة ، لكونه يصير محمولا ، وقد قال: { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [ طه : 14 ] ، أي : لشهودي فيها ، وفي ذلك قرة عين ، وراحة ، وأنس ، وتشابه حال المصلي بحال موسى ، بجامع النجوى ، فلذلك ذكر في سياقه . والله أعلم .
البحر المديد_ابن عجيبة


التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية