آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الحياة الطيبة عند أهل التجريد


الإشارة: الحياة الطيبة إنما تتحقق بكمالها عند أهل التجريد؛ حيث انقطعت عنهم الشواغل في الظاهر، والعلائق في الباطن، فاطمأنت قلوبهم بالله، وسكنت أرواحهم في حضرة الله، وتحققت أسرارهم بشهود الله، فدام سرورهم، واتصل حبورهم بحلاوة معرفة محبوبهم، وهذه نتيجة شرب الخمرة الأزلية، كما قال ابن الفارض في مدحها:
وإنْ خَطَرَتْ يومًا على خاطرِ امرىءٍ 
أقامتْ به الأفراحُ وارتحلَ الهمّ 
هذا في الخطور، فما بالك بالسكون ودوام الحضور؟ وقال أيضًا في شأنها:
فما سَكَنَتْ والهَمّ، يوماً، بِمَوضِعٍ
كذلِكَ لم يَسكُنْ، معَ النّغْمِ، الغَمُّ.
وإنما تحقق لهم هذا الأمر العظيم؛ لرسوخ قدمهم في مقام الإحسان، وسكونهم في جنة العرفان، فَهَبَّ عليهم نسيم الرضا والرضوان، وترقت أرواحهم إلى مقام الروح والريحان، فقلوبهم بحار زاخرة لا تكدرها الدلاء، وأرواحهم أنوار ساطعة لا يؤثر فيها ليل القبض والابتلاء، وأسرارهم بأنوار المواجهة مشرقة، فدام سرورها بكل ما يبرز من عنصر القضاء. والحاصل: أن أهل هذا المقام عندهم من الإكسير والقوة ما يقلبون به الأعيان، فيقلبون الشرِّيات خيريات، والمعاصي طاعات، والإساءة إحسانًا، والجلال جمالاً... وهكذا، فأَنَّى تغير قلوبَ هؤلاء الأكدارُ؟ وأنى تنزل بساحتهم الأغيارُ، وهم في حضرة الكريم الغفار؟ نفعنا الله بذكرهم، وخرطنا في سلكهم، آمين.
ومن جملة الحياة الطيبة التنعم بحلاوة القرآن ولا يتحقق ذلك إلاَّ بالبعد والحفظ من خوض الشيطان.

 تفسير البحر المديد 

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية