آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الحكم العطائية (51 ) : لا عمل أرجى للقبول من عمل يغيب عنك شهوده ويحتقر عندك وجوده .

قال أبو سليمان الداراني : ما استحسنت من نفسي عملاً فاحتسبت به. 
وسلامة العمل من الآفات شرط في قبوله ، لأن صاحبه مُتَّق لله تعالى .

وقد قال عز من قائل :"إنما يتقَبّلُ الله من المتقين" وإنما يسلم العمل من الآفات باتهام النفس في القيام بحقه ، ورؤية تقصيره فيه ، فيغيب عنه إذ ذاك شهوده ، ويحتقر عنده وجوده ، فلا يساكنه ، ولا يعتمد عليه .

فإن لم يكن على هذا الوصف بل كان ناظرا إليه ، ومستعظما له ، غائبا عن شهود منة الله تعالى عليه في توفيقه لهأوقعه ذلك في العجب ؛ فحبط لذلك عمله ، وخاب سعيه .

سئل بعض العارفين ما علامة قبول العمل فقال: "نسيانك إياه وأنقطاع نظرك عنه بالكلية، بدلالة قوله:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}. 

يعني أنه لا عمل أرجي لحياة القلوب من عمل يكون بالله ولله غائباً فيه عما سواه، غير ملاحظ فيه حظوظه وهواه، متبرءاً فيه من حوله وقواه، فإذا أظهرته عليه القدرة غاب عن شهوده وصغر في عينه صورة وجوده، لما تجلى في قلبه من عظمة مولاه، فصغر عنده كل ما سواه. 

فينبغي للعبد إذا عمل عملا أن يكون نَسْياً مَنْسِياً ، من اتهام النفس ، ورؤية التقصير ، حتى يحصل له قبوله .
فمثل هذا العمل تحيي به القلوب، وتحظي بمشاهدة علام الغيوب، وهو روح اليقين، وهو حياة قلوب العارفين، فإذا أراد الله أن يتولى عبده، أنهضه للعمل وصغره في عينه، فلا يزال جاداً في عمل الجوارح، حتى ينقله إلى عمل القلوب، فتستريح الجوارح من التعب ولا يبقي إلا شهود العظمة مع الأدب. 

قال النهر جوري رحمه الله:" من علامات من تولاه الله في أحواله أن يشهد التقصير في أخلاصه والغفلة في أذكاره والنقصان في صدقه والفتور في مجاهدته وقلة المراعاة في فقره فتكون جميع أحواله عنده مرضية ويزداد فقراً إلى الله في قصده وسيره حتي يغنى عن كل شيء دونه". وإذا حيي القلب بمعرفة الله كان محلاً لتجلي الواردات الألهية.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية