قال القشيري: الوارد هو ما يرد على القلوب من الخواطر المحمودة مما لا يكون للعبد فيه تحمل. والواردات أعم من الخواطر، لأن الخواطر تختص بنوع خطاب أو ما تضمن معناه، والواردات تكون وارد سرور، ووارد حزن، ووارد قبض، ووارد بسط إلى غير ذلك من المعاني، وهو قريب من الحال.
والمراد به هنا نوع خاص، وهو نفحات إلهية يهب نسيمها على القلوب والأرواح و الأسرار فتغيب القلوب في حضرة علام الغيوب وتغيب الأرواح والأسرار في جبروت العزيز الجبار، فتطيش فرحاً وسروراً وترقص شوقاً وحبوراً.
وقل ما تكون هذه الواردات الإلهية إلا بغتة، لأنها لا تنال باكتساب، وإنما هي فتح من الكريم الوهاب، ولو كانت تنال بجد واجتهاد لادعاها العباد والزهاد، بوجوب التأهب والاستعداد، فتصير حينئذ المكاسب، والأحوال والواردات إنما هي مواهب، "يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم".
قال: والحكمة في إتيانها بغتة ثلاثة أمور:
أحدها: ليعرف منة الله فيها .
الثاني: ليقدر قدرها ويعظم الفرح بها.
الثالث: الغيرة عليها وتعزيزها لأن ما كان من العزيز لا يكون إلا عزيزاً .
ثم إن هذه الواردات الإلهية والمواهب الاختصاصية أسرار من الكريم الغفار لا يمنحها إلا لأهل الصيانة والأمانة ، لا لأهل الإفشاء والخيانة.
إيقاظ الهمم في شرح الحكم