آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر

الإشارة : الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر المتعلقين بالجوارح الظاهرة ، والذكر ينهى عن الفحشاء والمنكر والمتعلقين بالعوالم الباطنة ، وهي المساوئ التي تحجب العبد عن حضرة الغيوب فإذا أكثر العبد من ذكر الله ، على نعت الحضور والتفرغ من الشواغل ، تنور قلبه ، وتطهر سره ولبه ، فاتصف بأوصاف الكمال ، وزالت عن جميع العلل ، ولذلك جعلته الصوفية معتمد أعمالهم ، والتزموه مع مرور أوقاتهم وأنفاسهم ، ولم يقتنعوا منه بقليل ولا كثير ، بل قاموا بالجد والتشمير ، فيذكرون أولا بلسانهم وقلوبهم ، ثم بقلوبهم فقط ، ثم بأرواحهم وأسرارهم فيغيبون حينئذ في شهود المذكور عن وجودهم وعن ذكرهم ، وفي هذا المقام ينقطع ذكر اللسان ، ويصير العبد محوا في وجود العيان ، فتكون عبادتهم كلها فكرة وعبرة ، وشهودا ونظرة ، وهو مقام العيان في منزل الإحسان ، فيكون ذكر اللسان عندهم بطالة.

قال القشيري : ويقال : ذكر الله أكبر من أن يبقى معه ذكر مخلوق أو معلوم للعبد ، فضلا أن يبقى معه للفحشاء والمنكر سلطان . ه . وقال في القوت على هذه الآية : الذكر عند الذاكرين : المشاهدة ، فمشاهدة المذكور في الصلاة أكبر من الصلاة . هذا أحد الوجهين في الآية : ثم قال : وروي في معنى الآية؛ عن رسول لله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إنما فرضت الصلاة ، وأمر بالحج والطواف ، وأشعرت المناسك ، لإقامة ذكر الله - عز وجل - » قال تعالى : { وأقم الصلاة لذكري } [ طه : 14 ] ، أي : لتذكرني فيها . ثم قال : فإذا لم يكن في قلبك للمذكور ، الذي هو المقصود والمبتغى ، عظمة ولا هيبة ، ولا إجلال مقام ، ولا حلاوة فهم ، فما قيمة ذكرك فإنما صلاتك كعمل من أعمال دنياك . وقد جعل الرسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قسما من اقسام الدنيا ، إذ كان المصلي على مقام من الهوى ، فقال : « حبب إلي من دنياكم . . » ذكر منها الصلاة ، فهي دنيا لمن كان همه الدنيا ، وهي آخرة لأبناء الآخرة ، وهي صلة ومواصلة لأهل الله - عز وجل- ، وإنما سميت الصلاة؛ لأنها صلة بين الله وعبده ، ولا تكون المواصلة إلا لتقي ، ولا يكون التقي إلا خاشعا ، فعند هذا لا يعظم عليه طول القيام ، ولا يكبر عليه الانتهاء عن المنكر كما قال الله : { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } .
تفسير ابن عجيبة 

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية