آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الحكم العطائية (259) : رُبَّ عُمُرٍ اتَّسَعَتْ آمادُهُ وَقَلَّتْ أمْدادُهُ .


كثير من الناس طالت أعمارهم واتسعت أزمنتهم وقلت امدادهم ، أي فوائدهم ، فلم يحصلوا على شيء ، حيث اشتغلوا بالبطالة والتقصير ، حتى مضت تلك الأيام كطيف المنام وأضغاث أحلام ، وكثير من الأعمار ، قلت آمادهم أي أزمنتهم وكثرت امدادهم أي فوائدهم ، فأدركوا من فوائد العلم والأعمال والمعارف والأسرار في زمن قليل ما لم يدركه غيرهم في الزمن الكثير ، ومثال ذلك أهل الجذب مع السلوك ، وأهل السلوك وحده ، فإن أهل الجذب الموافقين للسالكين في الأعمال يطوون في ساعة واحدة من مسافة القرب ما لم يدركه أهل السوك في سنين ، وكذلك أهل الفكرة مع أهل الخدمة فكرة ساعة خير من عبادة سبعين سنة وفي ذلك قال الشاعر:
كل وقت من حبيبي ... قدره كألف حجه 
وقال الشيخ أبو العباس المرسى رضي الله عنه : (أوقاتنا كلها ليلة القدر). فالبركة في العمر هي إدراك الأمداد العظيمة في الآماد القليلة.

فانظر من أطلعه الله على بركة عمره وأراه ثمرة وقته كيف اختار الآكد، فالآكد والأولى فالأولى ليدرك ما تلمحه من الفوائد ويحظي بالخصائص والزوائد . قال الشطبي رحمه الله : قال أحمد بن أبي الحواري لأبي سليمان الداراني رضي الله عنهما : "قد غبطت بني إسرائيل ، قال : بأي شئ ؟ قلت : بثمانمائة عام حتى يصير كالشنان البالية وكالخنايا والأوتار، فقال : ما ظننت إلا وقد جئت بشيء والله ما يريد الله منا، أتبيس جلودنا على عظامنا وما يريد منا إلا صدق النية فيما عنده، هذا إذا صدق في عشرة أيام نال ما ناله الآخر في أعماره الطويلة"، وقال في القوت : فإن البركة في العمر أن تدرك في عمرك القصير بيقظتك ما فات غيرك في عمره الطويل بغفلته فيرتفع لك في السنة ما يرتقع في عشرين سنة وللخصوص من المقربين في مقامات القرب عند التجلي بصفات الرب الحاق برفع الدرجات وتدارك لما فات عند أذكارهم وأعمال قلوبهم اليسيرة في هذه الأوقات فكل ذرة من ذكر تسبيح أو تهليل أو أحمد أو تدبر وتبصرة أو تفكر وتذكرة لمشاهدة قرب ووجد برب ونظرة إلى حبيب ودنو من قريب أفضل من أمثال الجبال من أعمال الغافلين الذين هم لنفوسهم واجدون وللخلق مشاهدون ومثال العارفين فيما ذكرناه من فنائهم بشهادتهم ورعايتهم لأمانتهم وعهدهم في وقت قربهم وحضورهم مثل العامل في ليلة القدر العمل فيها لمن وافقها خير من ألف شهر وقد قال بعض العلماء : كل ليلة للعارف بمنزلة ليلة القدر"، فالبركة في العمر هي إدراك الأمداد العظيمة في الآماد القليلة.

إيقاظ الهمم شرح متن الحكم

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية