آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الخوف والرجاء عند الصوفية

قال الجنيد رضي الله عنه: الخوف يقبضني والرجاء يبسطني والحقيقة تجمعني والحق يفرقني إذا قبضني بالخوف أفناني عني وإذا بسطني بالرجاء ردني على وإذا أجمعني بالحقيقة أحضرني وإذا فرقني بالحق أشهدني غيري فغطاني عنه فهو في كل ذلك محركي غير مسكني وموحشي غير مؤنسي بحضوري لذوق طعم وجودي فليته أفناني عني فمتعني أو غيبني عني فروحني.

الخوف يقبضني : لأن العبد في حالة الخوف يشهد ما منه إلى الله من الأساءة فينفتح له باب الحزن.
وفي حالة الرجاء : يشهد ما من الله إليه من الأحسان فينفتح له باب الرجاء والبسط.
وقوله والحقيقة تجمعني : أن تغنيني عن نفسي وتجمعني به فلا نشهد إلا ما من الله إلى الله فلا قبض ولا بسط.
وقوله والحق يفرقني : المراد بالحق الحقوق اللازمة للعبودية فلا ينهض إليها إلا بشهود نوع من الفرق وأن كان نهوضه بالله.
وقوله إذا قبضني بالخوف أفناني عني : أي تجلى لي بأسمه الجليل ذاب جسمي من هيبة المتجلي.
وإذا بسطني بالرجاء : بأن تجلى لي بأسمه الجميل أو الرحيم رد نفسي ووجودي علي.
وإذا جمعني إليه بشهود الحقيقة أحضرني معه بزوال وهمي.
وإذا فرقني بالحق : الذي أوجبه علي للقيام بوظائف حكمته أشهدني غيري حتى يظهر الأدب مني معه وقد يقوي الشهود فلا يشهد الأدب إلا منه إليه.
قوله فغطاني عنه : لأن العبد في حالة النزول إلى سماء الحقوق أو أرض الحظوظ قد يرجع لمقام المراقبة لكنه غير لازم.
وقوله فهو في كل ذلك محركي غير مسكني : يعني أن الحق تعالى حين يقبضه بالخوف أو يبسطه بالرجاء أو يجمعه بالحقيقة أو يفرقه بالحق هو محرك له ليسيره إليه ويحوشه إليه غير مسكن له في مقام واحد وموحشه عن عالم نفسه غير مؤنس له بها بسبب حضوره مع عوالمه البشرية فيذوق طعم وجودها فإذا غيبه عنه عرف قدر ما من به عليه ولذلك قال: فليته أفناني عني، أي عن رؤية وجودي فمتعني بشهوده أو غيبني عن حسي فروحني من الحقوق التي تفرقني عنه بإسقاطها عني في حالة الغيبة وكأنه مال إلى طلب السلامة خوفاً من الوقوع فيما يجب الملامة وأن كان الكمال هو الجمع بين العبودية وشهود الربوبية.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية