آخر الأخبار

جاري التحميل ...

المحبة الإلهية

لا يعرف الوجد إلا من يكابده ولا الصبـابة إلا من يعانيها

اعلم أن المحبة نار في القلب تحرق ما سوى المحبوب، أو أنها سر في قلب المحبوب إذا رسخ قطعك عن كل مصحوب.

يقول سيدي أبي الحسن الشادلي رضي الله عنه حين سئل عن المحبة ؟ فقال: المحبة أخذ من الله لقلب عبده عن كل شئ سواه. فترى النفس مائلة طائعة، والعقل متحصناً بمعرفته والروح مأخوذة في حضرته والسر مغموراً بمشاهدته، والعبد يستزيد فيزداد ويفاتح بما هو أعلى من لذيذ مناجاته فيكسى حلل التقريب على بساط القربة ويمس أبكار الحقائق وثيبات العلوم، فمن أجل ذلك قالوا: أولياء الله عرائس ولا يرى العرائس المجرمون.

وأي مرتبة تسمو إلى الحب الإلهي ، يخلو المحب إلى ربه في محاريبه ، يسمر بطاعته ويضيء ليله بنور وجهه ، ويقطع نهاره بجميل ذكره ، ثم تأتي النشوة الكبرى ، بالأنس والرضا .

يقول الشيخ ابن عربي : جرت مسألة المحبة بمكة فتكلم فيها الشيوخ ، وكان الجنيد أصغرهم سناً فقالوا له هات ما عندك يا عراقي ، فاطرق برأسه ودمعت عيناه ثم قال : عبدٌ ذاهب عن نفسه متصل بذكر ربه ، قائم بأداء حقوقه ناظر إليه بقلبه ، احرق قلبه أنوار هيبته ، وصفى شربهُ من كأس وده ، وانكشف له الجبار من أستار غيبه ، فإن تكلم فبالله ، وإن نطق فمن الله ، وإن تحرك فبأمر الله ، وإن سكن فمع الله ، فهو بالله ولله ومع الله . 

والاصل في المحبة كما يقول ابن عربي: ان تكون انت عين محبوبك بحيث ان يعميه عن كل منظور سوي وجه محبوبه، ويصمه عن كل مسموع سوي ما يسمع من كلام محبوبه، ويخرسه عن كل كلام لا عن ذكر محبوبه وذكر من يحب محبوبه، ويختم علي قلبه فلا يدخل فية سوي حب محبوبه فيكون هو ولا انت.

أما طريق تحصيلها فاسلك سلوك أهل الله فتش عن شيخ مربي يسقيك من تسنيم المحبة ويوصل بعضك بكلك، وفرعك بأصلك، فالأصل منه وإن مال، أطلب محبة الله من أهل الله، قل لهم أريد أن تذيقوني معنى الوصال وتسقوني كاسات الإتصال، فإن رأوا فيك الأهلية، أذاقوك معناها ، واعلم أن الشيخ الكامل يملؤك بنظرته حباً من رأسك إلى أخمص قدميك.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية