الأدلة الصحيحة على جواز تقبيل اليد:
عن الزارع العبدي وكان من وفد عبد قيس قال: لما قدمنا المدينة، فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله. قال: وانتظر المنذر الأشج حتى أتى عيبته فلبس ثوبيه، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له:إن فيك خلتين يحبهما الله الحلم والأناة. قال: يا رسول الله أنا أتخلق بهما أم الله جبلني عليهما؟قال: بل الله جبلك عليهما. قال: الحمد لله الذي جبلني على خلتين يحبهما الله ورسوله.
1 - أما ما ورد من الأحاديث: فعن صفوان بن عسال، قال: (قال يهودي لصاحبه: قم بنا إلى هذا النبي، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألا عن تسع آيات بينات، فذكر الحديث... إلى قوله: فقبلا يده ورجله، وقالا: نشهد أنك نبي الله). رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه، والنسائي وغيرهم.
بيان أن تقبيل اليد ليس خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم وحده
عن عمار بن أبي عمار أن زيد بن ثابت ركب يوما، فأخذ ابن عباس بركابه فقال: تنح يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا وكبرائنا .فقال زيد أرني يدك، فأخرج يده فقبلها، فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت رسولنا صلى الله عليه وسلم.
عن ابن جدعان قال سمعت ثابتا –هو البناني-يقول لأنس: مسست رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديك؟ قال: نعم. قال: فأعطني يدك. فأعطاه فقبلها.
- عن خالد بن يزيد حدثنا أبو مالك الأشجعي قال: قلت لعبد الله بن أبي أوفى: ناولني يدك التي بايعت بها رسول الله، فناولنيها فقبلتها.
-عن ذكوان أن صهيب مولى العباس قال: رأيت عليا رضي الله عنه يقبل يدي العباس أو رجله ويقول: أي عم ارض عني.
فائدة: قال الإمام المناوي رحمه الله في الفيض : فينبغي التملق أي الزيادة في التودد والتضرع فوق ما ينبغي ليستخرج من شيخه مراده، فإن المتعلم ينبغي له التملق لمعلمه وإظهار الشرف لخدمته، وأن يلقي إليه زمام أمره، ويذعن لنصحه إذعان المريض الجاهل للطبيب المشفق الحاذق.
وقال أيضا ينبغي للعالم مراقبة الله في السر والعلن ،ولزوم السكينة والوقار والخضوع والخشوع والمحافظة على خوفه في جميع حركاته وسكناته وأقواله وأفعاله ،فإنه أمين على ما استودع من العلوم ومنح من الحواس والفهوم ،فإن العلم لا ينال إلا بالتواضع ،وتواضع الطالب لشيخه رفعة ،وذله عز ،وخضوعه فخر.
أقوال الأئمة الأربعة:
الحنفية:
قال العلامة ابن عابدين في حاشيته، عند كلام صاحب الدر المختار: (ولا بأس بتقبيل يد الرجل العالم والمتورع على سبيل التبرك، وقيل: سنة، قال الشرنبلالي: وعلمت أن مفاد الأحاديث سنيته أو ندبه كما أشار إليه العيني) “حاشية ابن عابدين” المشهورة. ج5/ص254. وفي حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح، قال: (وفي غاية البيان عن الواقعات: تقبيل يد العالم أو السلطان العادل جائز. وورد في أحاديث ذكرها البدر العيني... ثم قال: فعُلِمَ من مجموع ما ذكرنا إباحة تقبيل اليد...). ص209.
المالكية:
قال الإمام مالك: (إن كانت - قُبلة يد الرجل - على وجه التكبر والتعظيم فمكروهة، وإن كانت على وجه القربة إلى الله لدينه أو لعلمه أو لشرفه فإن ذلك جائز). شرح البخاري لابن حجر العسقلاني ج11/ص48.
الشافعية:
قال الإمام النووي: (تقبيل يد الرجل لزهده، وصلاحه وعلمه، أو شرفه، أو نحو ذلك من الأمور الدينية؛ لا يكره بل يستحب، فإن كان لغناه، أو شوكته، أو جاهه عند أهل الدنيا فمكروه شديد الكراهة) كذا في شرح البخاري للعسقلاني ج11/ص48.
الحنبلية:
وفي “غذاء الألباب” شرح منظومة الآداب للعلامة السفاريني الحنبلي قال: (قال المرزوي: سألت أبا عبد الله - الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله عن قُبلة اليد، فقال: إن كان على طريق التدين فلا بأس، قَبَّلَ أبو عبيدة يد عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وإن كان على طريق الدنيا فلا). ج1/ص287.