آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الحكم العطائية (185) إِنْ كَانَتْ عَيْنُ الْقَلْبِ تَنْظُرُ أَنَّ اللهَ وَاحِدٌ فِى مِنَّتِهِ ، فَالشَّرِيعَةُ تَقْتَضِى أَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ شُكْرِ خَلِيقَتِهِ .

الحكمة (185) إِنْ كَانَتْ عَيْنُ الْقَلْبِ تَنْظُرُ أَنَّ اللهَ وَاحِدٌ فِى مِنَّتِهِ ، فَالشَّرِيعَةُ تَقْتَضِى أَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ شُكْرِ خَلِيقَتِهِ .

    أي إن كانت البصيرة التي هي عين القلب تنظر إلى أن الله تعالى واحد في منته أي عطيته بمعنى أنه المعطي في الحقيقة لا غيره فلا يستحق الشكر سواه، فالشريعة أمرتنا أن نشكر أيضاً من وصلت النعمة على يده لما في الحديث : " أشكر الناس لله أشكرهم للناس " فعليك أن تنظر إلى الجهتين وتشكر الله حقيقة والخلق مجازاً امتثالاً لأمر خالقك فتكون في الحالين مجازاً ثم أن الناس في حال ورود النعمة عليهم من أحد العبيد أقسام وإن الناس في ذلك على ثلاثة أقسام : 

    غافل منهمك في غفلته قويت دائرة حسه وانطمست حضرة قدسه فنظر الإحسان من المخلوقين ولم يشهده من رب العالمين إما اعتقاداً فشركه جلي وإما استناداً فشركه خفي . يعني أن من قويت دائرة حسه من العامة لتعلقه بالأكوان حيث انطمست عين بصيرته فأبعدته عن المكون فاعتقد أن المعطي هو العبد فشركه ظاهر جلي يخرجه من ربقة الإيمان وإذا نسب ذلك إلى العبد استناداً فذلك شركه خفي لكونه أشرك مع الله غيره ففي إيمانه نقصان لقوله : لولا فلان تسبب لي في هذا الأمر ما وصل لي من الله والتوحيد الخالص أن يعتقد أن العبد مقهور وأن الموصل له إنما هو مولاه.

    وصاحب الحقيقة غاب عن الخلق بشهود الملك الحق وفنى عن الأسباب بشهود مسبب الأسباب فهو عبد مواجه بالحقيقة ظاهر عليه سناها سالك للطريقة قد استولى على مداها غير أنه غريق الأنوار مطموس الآثار قد غلب سكره على صحوه وجمعه على فرقه وفناؤه على بقائه وغيبته على حضوره . يعني أن صاحب الحقيقة غلب عليه سناها - بالقصر - أي ضياؤها وسلك طريقة القوم واستولى على مداها أي نهايتها لا ينظر الأسباب لشهوده مسبب الأسباب فهو من الخواص لكنه وإن كان كاملاً بالنسبة لأهل الغفلة ناقص بالنسبة لخواص الخواص الذين جمعوا بين الأمرين وهم أهل المعرفة غير أنه غريق الأنوار أي غريق في بحار التوحيد مطموس الآثار أي مطموسة بصيرته عن النظر إلى الآثار والعبيد قد غلب سكره وهو عدم إحساسه بالآثار على صحوه وهو إحساسه بها وجمعه وهو رؤية الحق وحده على فرقه وهو رؤية الحق والخلق فهو في مقام الجمع لا في مقام الفرق.

    وأكمل منه عبد شرب فازداد صحواً وغاب فازداد حضوراً فلا جمعه يحجبه عن فرقه ولا فرقه يحجبه عن جمعه ولا فناؤه عن بقائه ولا بقاؤه يصده عن فنائه يعطي كل ذي قسط قسطه ويوفي كل ذي حق حقه وهذا حال خواص الخواص فإن من شرب من كؤوس التوحيد فازداد صحواً بعد سكره وغاب عن الخلق فازداد حضوراً معهم بربه قد شرب بالكأسين وجمع بين المزيتين فباطنه مكمل بالحقيقة وظاهره مجمل بالشريعة فيشكر الخلق والحق لا يغيب عن الحق في حال مخالطة الخلق ليعطي كل ذي قسط قسطه.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية