العدل ما هو صواب وحسن ، وهو نقيض الجور والظلم .
أمر الله الإنسان بالعدل فيما بينه وبين نفسه ، وفيما بينه وبين ربه ، وفيما بينه وبين الخلق؛ فالعدل الذي بينه وبين نفسه منعها عما فيه هلاكها ، قال تعالى : { ونهى النفس عن الهوى } [ النازعات : 40 ] ، وكمال عدله مع نفسه كي عروق طمعه .
والعدل الذي بينه وبين ربه إيثار حقه تعالى على حظ نفسه ، وتقديم رضا مولاه على ما سواه ، والتجرد عن جميع المزاجر ، وملازمة جميع الأوامر .
أو العدل الذي بينه وبين الخلق يكون ببذل النصيحة وترك الخيانة فيما قل أو كثر ، والإنصاف بكل وجه وألا تشي إلى أحد بالقول أو بالفعل ، ولا بالهم أو العزم .
وإذا كان نصيب العوام بذل الإنصاف وكف الأذى فإن صفة الخواص ترك الانتصاف ، وإسداء الإنعام ، وترك الانتقام ، والصبر ، على تحمل ، ما يصيبك من البلوى .
وأما الإحسان فيكون بمعنى العلم - والعلم مأمور به - أي العلم بحدوث نفسه ، وإثبات محدثه بصفات جلاله ، ثم العلم بالأمور الدينية على حسب مراتبها . وأما الإحسان في الفعل فالحسن منه ما أمر الله به ، وأذن لنا فيه ، وحكم بمدح فاعله .
ويقال الإحسان أن تقوم بكل حق وجب عليك حتى لو كان لطير في ملكك ، فلا تقصر في شأنه .
ويقال أن تقضي ما عليك من الحقوق وألا تقتضي لك حقا من أحد .
ويقال الإحسان أن تترك كل ما لك عند أحد ، فأما غير ذلك فلا يكون إحسانا .
وجاء في الخبر : « الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه » وهذه حال المشاهدة التي أشار إليها القوم .
قوله : { وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى } إعطاء ذي القرابة ، وهو صلة الرحم ، مع مقاساة ما منهم من الجور والجفاء والحسد .
{ وينهى عن الفحشآء والمنكر } : وذلك كل قبيح مزجورٍ عنه في الشريعة .
تفسير القشيري