آخر الأخبار

جاري التحميل ...

جهاد الصوفية : سيدي ابو الحسن الشاذلى رضى الله تعالى عنه نمودجا.

مما تجدر الإشارة إليه أن الشيخ أبا الحسن الشاذلى رضى الله تعالى عنه، كان حاضرا في المعركة الفاصلة بين المسلمين والصليبين فى المنصورة سنة 648ه، حيث كانت مدينة المنصورة قاعدة لإدارة حركات الجيوش الإسلامية التى وقفت هناك لتمنع جيوش الصليبين، الذين احتلوا ثغر دمياط من قبل، عن التغلغل إلى داخل البلاد المصرية، وكان يقود جيوش المسلمين فى هذه المعركة الظاهر بيبرس البندقدارى وفارس الدين أقطاى، فى عهد الملك توران شاه ابن الملك الصالح أيوب، وكان يقود جيوش الصليبين فيها لويس التاسع ملك فرنسا، الذى قاد بعد ذلك الحملة الصليبية على تونس سنة.

يقول الشيخ أبو الحسن : كنت بالمنصورة، فلما كانت ليلة الثامن من ذى الحجة، بت مشغولا بأمر المسلمين وبأمر الثغر، وقد كنت أدعو الله وأضرع إليه فى أمر السلطان والمسلمين . فلما كان آخر الليل، رأيت فسطاطا واسع الأرجاء، عاليا فى السماء، يعلوه نور ويزدحم عليه خلق من أهل السماء، وأهل الأرض عنه مشغولون، فقلت : لمن هذا الفسطاط ؟ فقالوا : لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فبادرت إليه بالفرح، ولقيت على بابه عصابة من العلماء والصالحين نحوا من السبعين، أعرف منهم الفقيه عز الدين بن عبد السلام، والفقيه مجد الدين مدرس قوص، والفقيه الكمال بن القاضى صدر الدين، والفقيه المحدث محى الدين ابن سراقة، والفقيه عبد الحكيم بن أبى الحوافز، ومعهم رجلان لم أعرف أجمل منهما، غير أنى وقع لى ظن فى حالة الرؤيا : أنهما الفقيه زكى الدين عبد العظيم المنذرى المحدث، والشيخ مجد الدين الأخميمى !!وأردت أن أتقدم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فألزمت نفسي التواضع والأدب مع الفقيه ابن عبد السلام، وقلت : لا يصح لك التقدم قبل عالم الأمة فى هذا الزمان، فلما تقدم وتقدم الجميع، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يشير إليهم يمينا وشمالا : أن اجلسوا وتقدمت، وأنا أبكى بالهم وبالفرح. أما بالفرح : فمن أجل قربى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ وأما الهم فمن أجل المسلمين والثغر- دمياط -، وهَم طلبى إليه صلى الله عليه وسلم، فمد يده حتى قبض على يدي، وقال : لا تهتم كل هذا الهم من أجل "الثغر" وعليك بالنصيحة لرأس الأمر – يعنى السلطان – فإن ولى عليهم ظالم فما عسى ؟ وجمع أصابع يده الخمسة فى يده اليسرى كأنه يقلل المدة. وإن ولى عليهم تقي ف " الله ولي المتقين " وبسط يده اليمنى واليسرى. وأما المسلمون فحسبك الله ورسوله وهؤلاء المؤمنون – أي العلماء والفقهاء والصالحون الذين بالمجلس – وقال : (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون). وأما السلطان فيد الله مبسوطة عليه برحمته ما والى أهل ولايته ونصح المؤمنين من عباده، فانصحه واكتب له وقل فى الظالم عدو الله قولا بليغا. (واصبر إن وعد الله حق، ولا يستخفنك الذين لا يوقنون). فقلت : نصرنا ورب الكعبة. وانتبهت، ونصر الله المسلمين نصرا مؤزرا.

وإلى الذين ينتقدون الصوفية فيما يتعلق بالجهاد، نسوق هذه الصفحة من تاريخ الصوفى المجاهد الشيخ أبى الحسن الشاذلى رضى الله تعالى عنه؛ ليعلموا أن التصوف لا يمنع من أداء الواجب الوطنى والدينى، فها هو ذا شيخهم وقدوتهم نراه بين صفوف المجاهدين فى ميدان المعركة، متأسيا بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأصحابه رضوان الله عليهم، باعتبارهم القدوة الحسنة والمثل العليا للصوفية.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية