آخر الأخبار

جاري التحميل ...

تفسير قوله تعالى :{ يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ...} آية (40-41-42-43) سورة البقرة.

تفسير:{ يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ...} آية (40-41-42-43) سورة البقرة.


{ يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّٰيَ فَٱرْهَبُونِ } *{ وَآمِنُواْ بِمَآ أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُوۤاْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَٰتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّٰيَ فَٱتَّقُونِ } * { وَلاَ تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَٰطِلِ وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } * { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ وَٱرْكَعُواْ مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ


{ إسرائيل }: هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل - عليهم الصلاة السلام -
يقول الحقّ جلّ جلاله: { يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ } التي خصصتُكم بها، بأن فضلتكم على أهل زمانكم، وجعلت فيكم أنبياء ورسلاً، كلما انقرض نبيّ بعثت نبيّاً آخر، وجعلتكم ملوكاً وحكاماً على الناس، قبل أن تفسدوا في الأرض بقتل الأنبياء، فتكفروا بهذه النعم.
حقيقة النعمة على لسان العلماء لذة خالصة عن الشوائب، وما يوجب مثلها فهي أيضاً عندهم نعمة، وعند أهل الحقيقة النعمة ما أشهدك المُنْعم أو ما ذكرَّك بالمنعم أو ما أوصلك إلى المنعم أو ما لم يحجبك عن المنعم.
وتنقسم إلى نعمة أَبشار وظواهر، ونعمة أرواح وسرائر، فالأولى وجوه الراحات والثانية صنوف المشاهدات والمكاشفات. فمن النعم الباطنة عرفان القلوب ومحاب الأرواح ومشاهدات السرائر.

قال بعضهم: ربط بنى إسرائيل بذكر النعم، وأسقط عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم ذلك ودعاهم إلى ذكره فقال { فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ } [البقرة: 152] ليكون نظر الأمم من النعمة إلى المنعم، ونظر أمة محمد صلى الله عليه وسلم وآله وسلم من المنعم إلى النعم.
قوله تعالى عز وجل: { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ }.
قال بعضهم: أوفوا بعهدى الذى عهدتم فى الميثاق الأول بلفظة " بلى " ، فلا ترجعوا فى طلب شىء إلى غيرى.
سُئل الثورى عن فهم هذه الآية أوفوا بعهدى قال: أوفوا بعهدى فى دار محبتى على بساط خدمتى بحفظ حرمتى، أوف بعهدكم فى دار نعمتى على بساط قربى بسرور رؤيتى.
قال ابن عباس في قوله تعالى: { وَإِيَّـٰىَ فَٱرْهَبُونِ } أي: أن أنزل بكم ما أنزلت بمن كان قبلكم من آبائكم من النقمات التي قد عرفتم؛ من المسخ وغيره، وهذا انتقال من الترغيب إلى الترهيب، فدعاهم إليه بالرغبة والرهبة؛ لعلهم يرجعون إلى الحق واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والاتعاظ بالقرآن وزواجره، وامتثال أوامره وتصديق أخباره قوله: { وَلاَ تَكُونُوۤاْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } قال بعض المعربين: أول فريق كافر به، أو نحو ذلك، قال ابن عباس: ولا تكونوا أول كافر به، وعندكم فيه من العلم ما ليس عند غيركم.
قوله تعالى: { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَـٰتِي ثَمَنًا قَلِيلاً } يقول: لا تعتاضوا عن الإيمان بآياتي وتصديق رسولي بالدنيا وشهواتها، فإنها قليلة فانية، كما قال عبد الله بن المبارك: أنبأنا عبد الرحمن بن زيد بن جابر عن هارون بن يزيد قال: سئل الحسن، يعني البصري، عن قوله تعالى: ثمناً قليلاً، قال: الثمن القليل: الدنيا بحذافيرها.{ وَلاَ تَلْبِسُواْ } تخلطوا { ٱلْحَقّ } الذي أنزلت عليكم { بِٱلْبَٰطِلِ } الذي تفترونه { وَ } لا { تَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ } نعت محمد صلى الله عليه وسلم { وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } أنه الحق.

يقول ابن عجيبة : إذا توجَّه الخطاب إلى طائفة مخصوصة، حمله أهل الفهم عن الله على عمومه لكل سامع، فإن الملك إذا عاتب قوماً بمحضر آخرين، كان المراد بذلك تحذير كل مَن يسمع، فكأن الحق جلّ جلاله يقول: يا بني آدم اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم، وتفكروا في أصولها وفروعها، واشكروني عليها بنسبتها إليَّ وحدي، فإنه لا منعم غيري، فمن شكرني شكرته، ومن فيض إحساني وبري مددته، ومن كفر نعمتي سلبته، وعن بابي طردته، وأوفوا بعهدي بالقيام بوظائف العبودية، أوف بعهدكم بأن أطلعكم على أسرار الربوبية.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية