أقول ولله المنة والحمد من قبل ومن بعد:
لا يوجه هذا الكلام إلا لمن ابتغى وجه الخصوصية من مقام الإحسان، وليس لغيرهم من عامة المؤمنين والمسلمين..
فأنت إن ارتضيت مرتبة الإسلام من الدين، وأقمت شريعة الله من الأعمال الظاهرة من شهادة اللسان والصلاة والزكاة والصيام والحح، فلا حرج عليك إن اكتفت بذلك نفسك من نيل العوض الجزيل من الله البر الرحيم..
وأما إن كنت من أهل الإيمان فحسبك أما إذا ذكر الله وجل قلبك، واقشعر جلدك ثم يلين جلدك إلى ذكر الله، ذلك فضل الله عليك ببعض أعمال القلوب، وليس عليك من حرج ألا تتخذ لك شيخا محسنا يدلك على الله بالإذن وحسن المشاهدة والتجلي...
ليس على المسلم والمؤمن أن يكون لهما شيخا إن ارتضيا ألا يتخصصا في مقام الإحسان والقربة الخاصة المخصوصة من حضرة الله..
ولكن الراجي من الله بلوغ درجة المقربين وأهل خاصة الخاصة من أهله المصطفين، وجب عليه أكيدا أن يتخذ له شيخا عارفا بالله يدله على الله ويقيه في طريقه المهالك...
فكل بهمة العابد لله، قوم كثير ما هم " الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ".
وكثير ما هم من" الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عتها حولا".
فشتان من لا يبغي عن ربه حولا، ومن لا يرجو إلا ما عنده من النعم.
فالقوم رضي الله عنهم، لم يوجهوا مقولة: * من لا شيخ له فالشيطان شيخه* إلا لمن ارتفعت همته لبلوغ مقام الخصوصية من مرتبة الإحسان، فوالله الذي لا إله إله إلا هو، ما يبلغ أحد من الخلق مرتبة الإحسان الحق إلا بصحبة أهل الإحسان، "الرحمن فاسأل به خبيرا "...
وأما ما عدا هذا المقام العلي الرفيع، فلا على المسلم أو المؤمن أن يلتمس له شيخا عارفا بالله يدله على طريق الرجة والزلزلة واليقين والهدى إلى الله يعين اليقين وحق اليقين..
مدارج السالكين بها رجة وزلزلة وعدم استقرار على الدوام حتى يفتح للمريد الصادق قيقال: " استوت على الجودي "..
وأما من اكتفى بالأعمال الظاهرة لمرتبة الإسلام، وانتشى بالطمع فيما عند الله من مرتبة الإيمان، فله ولا شك من الله الثواب والأجر، ولكن هيهات هيهات أن يبلغ مقام القربة من حضرة السبوح القدوس، إلا بصحبة المقربين أهل صفوة الصفوة المصطفين، : " من لا شيخ له فالشيطان شيخه ".
ادريس انيبري