آخر الأخبار

جاري التحميل ...

المقامات والأحوال عند الصوفية : الرضا

الرضا هو انشراح القلب بفعل الله وقضائه، وقد وصف الله صفوته من خلقه بالرضا، فقال تعالى: (رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ) [المائدة، 121]، فقابل الرضا بالرضا، وهو غاية الجزاء ونهاية العطاء، كما رفع الله مكانة الرضا إلى أعلى درجات الجنة، فقال: (وَعَدَ اللَّهُ الْمُومِنِينَ وَالْمُومِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الاَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة، 73].
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد رسولا . 
فالرضا بإلهيته يتضمن الرضا بمحبته وحده وخوفه، ورجائه،والإنابة إليه، والرضا بتدبيره. وأن يكون راضيا بكل ما يفعل اللَّه به . ومن أعظم أسباب حصول الرضا : أن يلزم ما جعل الله رضاه فيه .والرضا ثلاثة أقسام :
- رضا العوام بما قسمه الله وأعطاه .
- ورضا الخواص بما قدره وقضاه .
- ورضا خواص الخواص به بدلا من كل ما سواه .

أقوال في الرضا :
  •  قيل ليحيى بن معاذ : متى يبلغ العبد إلى مقام الرضا ؟ فقال : إذا أقام نفسه على أربعة أصول فيما يعامل به ربه ، فيقول : إن أعطيتني قبلت . وإن منعتني رضيت . وإن تركتني عبدت . وإن دعوتني أجبت . 
  •  قال الجنيد : الرضا هو صحة العلم الواصل إلى القلب . فإذا باشر القلب حقيقة العلم أداه إلى الرضا . 
  •  قال بعضهم : الرضا من جملة المقامات . وهو نهاية التوكل . فعلى هذا : يمكن أن يتوصل إليه العبد باكتسابه. 
  • - قال بعضهم : هو من جملة الأحوال . وليس كسبيا للعبد ، بل هو نازلة تحل بالقلب كسائر الأحوال .
  •  يقال: بداية الرضا مكتسبة للعبد وَهِيَ من المقامات ونهايته من جملة الأحوال وليست بمكتسبة والنَّاس فِي الرضا بالعبارة عَنْهُ مختلفون فَكُل يعبر عَن حاله وشربه كَمَا أنهم فِي الشرب والنصيب من ذَلِكَ متفاوتون فأما شرط العلم والذي هُوَ لابد منه فالراضي بالله تَعَالَى هُوَ الَّذِي لا يعترض عَلَى تقديره.
  •  قال بعضهم: الرضا بَاب اللَّه الأعظم يعنون أَن من أكرم بالرضا فَقَدْ لقى بالترحيب الأوفى وأكرم بالتقريب الأعلى.
  •  قال أبا عَلِي الدقاق يَقُول: لَيْسَ الرضا أَن لا تحس بالبلاء إِنَّمَا الرضا أَن لا تعترض عَلَى الحكم والقضاء.
  •  قَالَ عَبْد الْوَاحِد بْن زَيْد: الرضا بَاب اللَّه الأعظم وجنة الدنيا.
  •  يَقُول: سمعت النصراباذي يَقُول: من أراد أَن يبلغ محل الرضا فليلزم مَا جعل اللَّه رضاه فِيهِ.
  • - قال ابو عَلِيّ الدقاق : طريق السالكين أطول وَهُوَ طريق الرياضة وطريق الخواص أقرب لكنه أشق وَهُوَ أَن يَكُون عملك بالرضا ورضاك بالقضا.
  •  قَالَ ابْن خفيف: الرضا سكون القلب إِلَى أحكامه وموافقة القلب بِمَا رَضِيَ اللَّهُ بِهِ وأختاره.
  •  سئلت رابعة مَتَى يَكُون العبد راضيا؟ فَقَالَتْ إِذَا سرته المصيبة كَمَا سرته النعمة،
  •  قيل قَالَ الشبلي بَيْنَ يدي الجنيد لا حول ولا قوة إلا بالله فَقَالَ الجنيد: قولك ذا ضيق صدر وضيق الصدر لترك الرضا.
  •  قال ذو النون الْمِصْرِي ثلاثة من أعلام الرضا: ترك الاختيار قبل الْقَضَاء، وفقدان المرارة بَعْد الْقَضَاء، وهيجان الحب فِي حشو البلاء.
  •  قَالَ الواسطي: استعمل الرضا جهدك ولا تدع الرضا يستعملك فتكون محجوبا بلذته ورؤيته عَن حقيقة مَا تطالع.
  •  وسئل أبو عثمان عن قول النبي صلى الله عليه وسلم أسألك الرضا بعد القضاء فقال : لأن الرضا قبل القضا عزم على الرضا . والرضا بعد القضا هو الرضا . 
  •  قيل : الرضا ارتفاع الجزع في أي حكم كان . 
  •  قيل : رفع الاختيار . وقيل : استقبال الأحكام بالفرح . 
  •  قيل : سكون القلب تحت مجاري الأحكام . 
  •  قيل : نظر القلب إلى قديم اختيار الله للعبد . وهو ترك السخط . 
  •  كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى رضي الله عنهما : أما بعد ، فإن الخير كله في الرضا ، فإن استطعت أن ترضى وإلا فاصبر . 
  •  قال أبو عثمان الحيري : منذ أربعين سنة ما أقامني الله في حال فكرهته ، وما نقلني إلى غيره فسخطته . 
واعلم أَن العبد لا يكاد يرضى عَنِ الحق سبحانه إلا بَعْد أَن يرضى عَنْهُ الحق سبحانه، لأن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}.
و أَن الواجب عَلَى العبد أَن يرضى بالقضاء الَّذِي أمر بالرضا بِهِ،إذ لَيْسَ كُل مَا هُوَ بقضائه يَجُوز للعبد أَوْ يجب عَلَيْهِ الرضا بِهِ كالمعاصي.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية