يقول سيدي حمزة بن العباس رضي الله عنه: ( من صاحب العارف بالله لابد و ان يقع له الفتح، في الدنيا وان لم يقع فهو غيرة من الله عليه، او في الغرغرة عند خروج الروح، او عند نزوله القبر ).
جاء في إيقاظ الهمم في شرح الحكم. "إذا أراد أن يوصل عبده إليه توجه إليه بنور حلاوة العمل الظاهر و هو مقام الإسلام فيهتدي إلى العلم و يفنى فيه ويذوق حلاوته. ثم يتوجه إليه بنور حلاوة العمل الباطن و هو مقام الإيمان من الإخلاص و الصدق و الطمأنينة و الأنس بالله و التوحش مما سواه فيهتدي إليه و يفنى فيه و يذوق حلاوته و يتمكن من المراقبة، و هذا النور أعظم من الأول و أكمل. ثم يتوجه إليه بنور المشاهدة و هو عمل الروح و هو أول نور المواجهة فتأخذه الدهشة و الحيرة و السكرة. فإذا أفاق من سكرته و صحا من جذبته و تمكن من الشهود و عرف الملك المعبود و رجع إلى البقاء، كان لله بالله.فاستغنى عن النور بمشاهدة نور النور..." و هذا هو الفتح الحق الذي يخرج من العالم الادنى الى العالم الاسنى.
ويقول سيدي ابن عجيبة:{ إنّا فتحنا لك فتحاً مبيناً } بأن كشفنا لك عن أسرار ذاتنا، وأنوار صفاتنا، وجمال أفعالنا، فشاهدتنا بنا، ليغفر لك الله، أي: ليُغيبك عن وجودك في شعور محبوبك، ويستر عنك حسك ورسمك، حتى تكون بنا في كل شيء، قديماً وحديثاً، قال القشيري: وذنب الوجود هو الشرك في الوجود، وغفره: ستره بنور الوحدة، لمحو ظلمة الأثينية هـ. ويُتم نعمته عليك بالجمع بين شهود الربوبية، والقيام بآداب العبودية، ودلالة الخلق على شهود قيام الديمومية، ويهديك طريقاً مستقيماً تُوصل إلى حضرتنا، فتسلكها وتُبينها لمَن يكون على قدمك، وينصرك الله نصراً عزيزاً، بالتمكُّن في شهود ذاتنا، والعكوف في حضرتنا، محفوفاً بالنصرة والعناية، محمولاً في محفَّة الرعاية.
الفتح
إن الفتح هو زوال الحجب عن الحضرة الإلهية بالقهر الإلهي لا بتعمل العبد. وله علامات،أنه بعد الفتح يفيض الله على العبد فيضا قدسيا يطهره من الأخلاق الذميمة ويحليه بالأخلاق الفاضلة. ثم بعده يقذف في قلبه من المعارف والأنوار والعلوم، ثم يقذف في قلبه من الأسرار ما لا يعلمه الا الله..
يقول الشيخ سيدي أبو العباس أحمد التجاني رضي الله عنه:"حقيقة الفتح هو ارتفاع الحجب الحائلة بين العبد وبين مطالعة حقائق الصفات والأسماء، ومحق صور الأكوان من علم العبد وحسه وإدراكه وفهمه وتعقله حتى لا يبقى للغير والغيرية وجود إلا وجود الحق بالحق للحق في الحق عن الحق. فإذا وقع هذا، برزت المعرفة العيانية بالضرورة وفاض على العبد بحر اليقين الكلي لكن مع الصحو والبقاء"
الفــــتـــح نـــوعان كما جاء عن سيدنا الدباغ في الإبريز:
1) فتـــح ظلماني: يشاهد المفتوح عليه من الأمور الباطلة الفانية الظلمانية. فتسود عقولهم و تعمى أبصارهم عن الحق. لذا يفتح لأهل الباطل في مشاهدة هذا العالم سمائه و أرضه و لا يشاهدون فيه إلا الأمور الفانية المتعلقة بالأجرام الحادثة هياكلها. مثل ما يذكرونه في أحكام النجوم و غيرها الذي ينسبون أثرها للنجوم و الكواكب لا لله.
2) فتـــح نوراني: و هو نور من أنوار الحق تعالى تسقي به ذوات أهل الحق فتشعشع أنوار المعارف في ذواتهم. و فتح أهل الحق نوعان:
أ )الفتح المنقطع: و هو أضعف درجات الكشف. فجميع ما سبق فتحه لأهل الظلام في هذا العالم سمائه و أرضه يشاهده صاحب هذا الفتح. و هو فتح مشترك في كثير من نقاطه مع أهل الباطل. و صاحبه لا يأمن على نفسه من القطيعة و اللحوق بأهل الظلام حتى يقطع مقامه و يتجاوزه.
ب) الفتح المستمر: و هو أن يفتح عليه في مشاهدة أسرار الحق التي حجب عنها أهل الظلام. فيشاهد الأولياء العارفين بالله تعالى و يتكلم معهم و يناجيهم على بعد المسافة مناجاة الجليس لجليسه.
التعلق بالفتح يفسد الاخلاص.
قال الشيخ سيدي أبو الحسن الشاذلي رضى الله عنه: كنت أنا و صاحب لي قد أوينا إلى مغارة نطلب الوصول إلى الله.فكنا نقول غداً يفتح لنا ،بعد غد يفتح لنا.فدخل علينا رجلٌ عليه هيبة. فقلت له: من أنت؟، قال: عبدالملك. فعلمنا أنه من أولياء الله. فقلنا له كيف حالك؟ فقال: كيف حال من يقول: غداً يفتح لي، بعد غدٍ يفتح لي، فلا ولاية و لا فلاح.يا نفس لا تعبدين إلا الله. قال: فتفطنا من أين دخل علينا فتبنا و استغفرنا ففتح لنا.
اكركم الله بالفتوحات والاكرامات الحسية والمعنوية
ردحذفاللهم آمين نحن وإياكم
حذفجزاكم الله خير الجزاء
ردحذفشكرا
ردحذف