آخر الأخبار

جاري التحميل ...

إنما الكمال للكبير المتعال

   إن التواضع الحقيقي إنما هو للعارفين لأنهم حين شهدوا عظمة الحق خرجت عنهم أوصاف نفوسهم إذ لا يخرج عن الوصف إلا شهود الوصف كما ذكره بقوله لا يخرجك عن الوصف إلا شهود الوصف فلا يخرجك عن أوصاف نفسك الذميمة إلا شهود أوصاف ربك العظيمة فلا يخرجك عن دناءة نفسك إلا شهود كرم ربك فلا يخرجك عن شهود أوصافك الحادثة إلا شهود أوصاف ربك القديمة فيخرجك عن شهود فعلك بشهود فعله وعن شهود صفاتك بشهود صفاته وعن شهود ذاتك بشهود ذاته فما دام العبد لم يشاهد أوصاف ربه العظيمة لا يمكنه أن يخرج عن أوصاف نفسه اللئيمة خروجا كليا وإنما يكون ذلك مجاهدة تارة له وتارة عليه بين طلوع ونزول بخلاف ما إذا شاهد أوصاف ربه فإنه يغيب عن نفسه قد تولاه محبوبه فكان سمعه وبصره ويده ورجله ومؤيدا له فلا يتصرف إلا بالله.

     فإذا تحقق الفناء في الذات والبقاء بالله فلا نقص للنفس ولا كمال وإنما الكمال للكبير المتعال فله الحمد والثناء على كل حال كما قال الشيخ رضي الله عنه :"المؤمن يشغله الثناء على الله عن أن يكون لنفسه شاكرا وتشغله حقوق الله عن أن يكون لحظوظه ذاكرا" قلت النفس عند تحقق الفناء لا وجود لها حتى تذكر ولا فعل لها حتى تشكر فليس للعارف عن نفسه أخبار حتى يخبر عنها بفعل شيء فضلا عن أن يشكر لها وصفا قد استغرقه شهود فعل الحق عن فعله وشهود وصف الحق عن شهود وصفه وشهود نور ذات الحق عن شهود ذاته فيشغله الثناء على الله عن الإلتفات إلى ما سواه إذ لا يشهد في الكون إلا إياه وتشغله حقوق الحق عن الإلتفات إلى حظوظ النفس إذ لا نفس مع الفناء فلا يبقى إلا حقوق العالم إلاسنى فتنقلب الحظوظ في حقه حقوقا لأنهم إذا نزلوا من عش الحضرة إلى أرض الحظوظ أرواحهم من طلب الحظوظ معجلة أو مؤجلة نفسانية أو روحانية أن صدر منهم عمل رأوه منة من الله فيستحيون أن يطلبوا عليه عوضا أو غرضا.

إيقاظ الهمم في شرح الحكم

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية