قال شقيق الإمام أبو حامد الغزالي الشيخ أحمد: لما حضرت أخي الوفاه قال : هاتوا لي كفني لأتجهز للدخول على الملك ، فأخذه وصعد إلى غرفة بأعلى واغتسل ولبس كفنه وصعدنا بعده فوجدناه قد لحق بربه وإذا بهذه الرقعة بجوار رأسه وقد كتب فيها هذه الأبيات:
قل لإخوان رأوني ميتا فبكوني ورثوني حزنا
أتظنون بأني ميتكم ليس هذا الميت والله أنا
أنا في الصور وهذا جسدي كان لباسي وقميصي زمنا
أنا در قد حواني صدف طرت عنه وبقى مرتهنا
أنا عصفور وهذا قفصي كان سجني فتركت السجنا
أشكر الله الذي خلصني وبنا لي في المعالي وطنا
كنت قبل اليوم ميتا بينكم فحييت وخلعت الكفنا
قد ترحلت وخلفتكم لست أرضى داركم لي وطنا
وأنا اليوم أناجي ملكا وأرى الحق جهارا علنا
عاكفا في اللوح أقرأ وأرى كل ما كان ويأتي أو دنا
وطعامي وشرابي واحد وهو رمز فافهموه حسنا
ليس خمرا سائغا أو عسلا لا ولا ماء ولكن لبنا
هو شراب رسول الله إذ كان لسر من فطرة فطرتنا
حي ذى الدار بنوم مغرق فإذا ما مات طار الوسنا
لا تظنوا الموت موتا إنه لحياة وهو غايات المنى
لا ترعكم هجمة الموت فما هو إلا إنتقال من هنا
اخلعوا الأجساد من أنفسكم تبصروا الحق عيانا بينا
وخذوا في الزاد جهدا لا تنوا ليس بالعاقل هنا من ونا
أحسنوا الظن برب راحم تشكروا السعي وتأتوا أمنا
ما أرى نفسي إلا أنتم واعتقادي أنكم أنتم أنا
عنصر الأنفاس منا واحد وكذا الأجسام جسم عمنا
فمتى ما كان خير لنا ومتى ما كان شر فمنا
فارحموني ترحموا أنفسكم واعلموا أنكم في أثرنا
أسأل الله لنفسي رحمة رحم الله صديقا أمنا
وعليكم مني سلام طيب وسلام الله بر وثنا