آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ

{ إِنَّ ٱلإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً } * { إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً } * { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً } * { إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ }

الإشارة

 طبعُ الإنسان من حيث هو: الجزع والهَلع، لخراب الباطن من النور، إلاّ أهل التوجه، وهم مَن مَنَّ اللهُ عليهم بصُحبة أهل الغنى بالله، وهم الذين ذّكَرَ اللهُ بقوله: {على صلاتهم دائمون} أي: صلاة القلوب، وهي دوام الحضور مع الحق، باستغراق أفكارهم في أسرار التوحيد، وهو مقام الفناء في الذات، فهم الذين تطهَّروا من الهلع لِما باشر قلوبَهم من صفاء اليقين، فمَن لم يبلغ هذا لا ينفك طبعه عن الهلع والطمع، ولو بلغ ما بلغ. قيل لبعضهم: هل للقلوب صلاة؟ قال: نعم إذا سجد لا يرفع رأسه أبداً. اهـ. أي: إذا واجهته أنوارُ المواجهة خضع لها على الدوام، {والذين في أموالهم} أي: فيما منحهم اللهُ من العلوم والأسرار، حق معلوم للسائل، وهو طالب الوصول، والمحروم، وهو طالب التبرُّك، لكثرة علائقه، أو: لضعف همته، أو: للسائل، وهو مَن دخل تحت تصرفهم، والمحروم: مَن لم يدخل في تربيتهم، فله حق، بإرشاده إلى ما يصلحه مما يقدر عليه وينفعه. والذين يُصدِّقون بيوم الدين، فيجعلونه نُصب أعينهم، فيجتهدون في الاستعداد له. 

{والذين هم من عذاب ربهم} وهو عذاب القطيعة {مُشفقون إنّ عذاب ربهم غير مأمون} ولو بلغ العبد من التمكين ما بلغ؛ لأنَّ الله مُقَلِّب القلوب ولا يأمن مكرَ الله إلاَّ القوم الخاسرون. {والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} فإنهم ينزلون إلى القيام بحقهن بالإذن والتمكين، والرسوخ في اليقين، فمَن ابتغى وراء ذلك؛ بأن قصد شهوة المتعة، فأولئك هم العادون، تجب عليهم التوبة، والذين هم لأماناتهم، وهي أنفاس عمرهم، وساعات أوقاتهم، أو: الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال، {وعهدهم} الذي أخذ عليهم في عالم الذر، وهو الإقرار بالربوبية، والقيام بوظائف العبودية، {راعون}، فهم يراعون أنفاسهم وساعاتِهم، ويُحافظون عليها من التضييع، ويُراعون عهودَهم السابقة واللاحقة، أي مع الله، ومع عباده، فيُوفون بها ما استطاعوا، والمراد نية الوفاء، لا الوفاء بالفعل، فمَن عقد عهداً ونيته الوفاء، ثم منعته الأقدار، فهو وافٍ به. 

والذين هم بشهادتهم لأنوار الربوبية قائمون بالأدب معها. والذين هم على صلاتهم الواجبة يحافظون، شكراً وأدباً. أولئك في جنات المعارف، مُكرَمون في الدنيا والآخرة. 

تفسير ابن عجيبة

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية