آخر الأخبار

جاري التحميل ...

إِنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم.

الإشارة: كان سيدنا عليّ رضي الله عنه يقول: «ما لابن آدم والفخر، أوله نُطفة مذرة، وآخره جيفة قذرة، وفيما بينهما يحمل العذرة» وكان يُنشد:

الناسُ من جِهة التمثيل أَكْفاءُ ... أَبوهم آدمٌ والأم حوّاءٌ
ومَن يَرْمِ منهُم فَخْراً بذي نَسب ... فإن أصْلَهُم الطِّينُ والماءُ
مَا الفَخْرُ إِلاَّ لأَهْلِ العِلْمِ إِنَّهُمُ ... عَلَى الهُدَى لَمن اهتدى أدلاَّءُ
وَقَدْرُ كل امرئ مَا كَانَ يُتْقِنُهُ ... والجَاهِلُون لأَهْلِ العلْمٍ أَعْدَاءُ

وقوله: مالفخر إلا لأهل العلم.. الخ، يعني: لو كان الفخر مباحاً ما أُبيح إلاّ لهم، وإلا فهم أولى بالتواضع، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال: «مَن تواضعَ دُون قَدْره رَفَعهُ الله فوقَ قَدْره» «1» فما رفع اللهُ قدر العلماء إلا بتواضعهم حتى ينالهم الشريفُ والوضيع، والصغير والكبير، والقوي والضعيف، فمَن لم يكن هكذا فليس بعالم لأنّ الخشية تحمل على التواضع، ومَن لم يخشَ فليس بعالم حقيقة. قال تعالى: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ.

قوله تعالى: { إِنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم } اعلم أنَّ نصيب كل عبد من الله تعالى على قدر تقواه، وتقواه على قدر توجهه إلى الله، وتوجهه على قدر تفرُّغه من الشواغل، وتفرُّغه على قدر زهده، وزهده، على قدر محبته، ومحبته على قدر علمه بالله، وعلمه على قدر يقينه، ويقينه على قدر كشف الحجاب عنه، وكشف الحجاب على قدر جذب العناية، وجذب العناية على قدر السابقة، وهي سر القدر الذي لم يُكشف في هذه الدار. وسقوط العبد من عين الله على قدر قلة تقواه، وقلة تقواه على قدر ضعف توجهه، وضعف توجهه على قدر تشعُّب همومه، وتشعُّب همومه على قدر حرصه ورغبته في الدنيا، ورغبته في الدنيا على قدر ضعف محبته في الله، وضعف محبته على قدر جهله به، وجهله على قدر ضعف يقينه، وضعف اليقين من كثافة الحجاب، وكثافة الحجاب من عدم جذب العناية، وعدم جذب العناية من علامة الخذلان السابق، الذي هو سر القدر. والله تعالى أعلم.

فالتقوى هي التحرُّر من النفس وأطماعها وحظوظها. فأكرمُ العبادِ عند اللَّهِ مَنْ كان أَبْعد عن نَفْسِه وأَقرَبَ إلى الله تعالى.
ثم إنَّ أساس التقوى: الإيمان الصادق دون الكاذب، الذي أشار إليه بقوله: { قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ}.

وفضيلة التقوى العلم بالله ولا انتهاء للعلم بالله فى طريق الفضل فمن ازداد علماً بالله وأمره ازداد خوفاً ومن ازداد خوفاً ازداد كرماً عند الله عز وجل.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية